...هذه المرة شعرت أن عقلي عاجز عن التفكير وإيجاد الكلمات والعبارات حتى أن قلمي جفّ من طول الانتظار لنتيجة بحثي لم أجد تفسيرا واضحا لتقديم برنامج سفيان شو العائد إلينا بثوب جديد «Live» بهذا الشكل والمضمون؟ إن مقالي هذا قد لا يعجب البعض وخاصة من يهمهم الأمر.. علما أن قلمي هذا لا يكتب سوى وجهة نظر نابعة من نفس بريئة من كل «حسابات». إنني أرى من الضروري رفع الغمامة عن عين منتج مثل هذه البرامج الخاوية في مضمونها التي لا تعود بالفائدة على أحد «حل الصرة تلقى سفيان شو» فهو عبارة على «حبل جايبوا واد» ليس له أي علاقة بالعمل المتكامل لا من حيث المضمون ولا من حيث التقديم، بل إن أسلوب طرح المضمون مهزلة حقيقية وطعن في صورة الطفل البريء الذي تحوّل إلى «ماريونات»، إذ بدلا من أن يُتاح له استعمال خياله وحواسه للتعبير عن أحاسيسه النابعة من نفسه البريئة يُجبر على الإتيان بأصوات وحركات لا تتماشى وحركات الطفل البريء فتراه يقوم بمجهود كبير ربما يرهقه دون فائدة مع أن بإمكانه أن يغني ويرقص بشكل عفوي متناغم مع اللحن الذي يسمعه والأدهى من ذلك أن فتيات عمرهن لا يتجاوز 5 سنوات يلبسن لباسا فاضحا ويضعن على وجوههن «كيلوات» من الماكياج بشكل يحجب إشراقة الطفولة ويشوه براءتها والأغرب من كل ذلك أن الأولياء يسعدهم رؤية صغارهم على هذه الصورة وهذا دليل على أن الأسرة التونسية فقدت الكثير من القيم. لقد عرف المتفرجون سفيان الشعري «كمهرج» في سلسلة «شوفلي حل» وأعجبت به شريحة معينة منهم... ولكن هل يعني «نجاحه في تلك السلسلة» تأشيرة عبور تسمح له اقتحام عالم التنشيط بصفة عامة وتنشيط حصة الأطفال بصفة خاصة؟ إنّ عالم الطفل يبدو بسيطا وسهلا عند بعض الناس حتى أصبحت فكرة إنتاج برامج أطفال تخالج أذهان كل من هب ودب غير أن الواقع ينافي تماما هذا التصور فعالم الطفل هشّ للغاية، فالطفل عبارة عن آلة ناسخة لكل الأحداث والوقائع ب«حشيشها وريشها» لذا لا بد من العمل على ترسيخ صور إيجابية في نفسه من خلال بث برامج تثقيفية ترفيهية في آن واحد تنقل له القيم الرفيعة في ثقافتنا. وأخيرا أريد أن أشير إلى أن لجنة التحكيم تعتقد أنها تقيم فنانين راشدين في حالة اختبار حقيقي ونسيت أنها تتعامل مع أطفال لا يشغل بالهم سوى سماع كلمة «أحسنت» ونيل قطعة شكلاطة لا تنسي يا كوثر أن الذي أمامك طفل بريء لا يفهم لغة: الحضور الركحي الطبقة الصوتية... وأنت يا قياز أرجوك تهذيب المصطلحات التي تستعملها لأنك تخاطب أطفالا هم بحاجة إلى تعلم لغة سليمة قبل تعلم الرقص والغناء. وختاما أرفع إلى من يهمه الأمر رجاء بإعادة النظر في هذا البرنامج «سفيان شو» لماذا لا نترك الطفل يغني ويرقص كما يشاء بلباسه الطفولي الرائع وبصوته الناعم؟ نحن بحاجة إلى مشاهدة صورة جميلة بريئة لا يشوهها قناع ولا مكياج.