مرفوقة بطفلها الصغير الذي لا يتجاوز عامه الحادي عشر الى داخل محل عمومي للأنترنات جلست السيدة سلوى الى كرسي يحاذي الباب المؤدي الى الطريق العام في حين هرول طفلها الى جهاز الكمبيوتر بحثا عن معلومات تخصّ حركة البايات والهواء والحركة الشبابية في تونس. .. أطفال صغار هجروا المكتبات العمومية.. والكتب والمجلّدات والمطويات الملوّنة والصور التي كنا نقضي فيها أمسيات لقصّها وإلصاقها في ملف المدرسة واقتصرت بحوث تلاميذ الابتدائي في العلوم والتاريخ والجغرافيا والتربية المدنية على ما تفرزه قريحة الشبكات العنكبوتية... بعضهم يفسّرها بكونها طريقة سهلة لإنجاز بحث عاجل وآخرون يرون انهم مكرهون على القيام بها بطلب من المعلّم، في حين تؤكد وزارة التربية ان هذا الأمر اختياري بحت ولا علاقة له بالبرنامج التعليمي والتلميذ غير مجبر عليه. السيدة سلوى عبّرت عن تضايقها الشديد من أمر اعتبرته مضرّا بمصلحة طفلها وجعلها تحاذيه داخل فضاء المحل العمومي خوفا عليه من ولوج مواقع محظورة بدافع الفضول بعد ان اضطرت الى قطع الأنترنات عن المنزل بالقول: «الأمر فعلا محيّر» بحث في الأنترنات.. لا أدري أية منفعة قد يحصل عليها طفلي.. اذ أن بعض المعلومات قد تكون غير صحيحة او دقيقة مثل الكتب التاريخية المراقبة والمراجعة لغويا وتاريخيا هذا هو الحال منذ بداية العام الدراسي فالمعلّمة تطالب كامل القسم بإجراء هذه النوعية من البحوث... أعرف أنها طريقة متقدمة تتماشى مع التطوّر الذي نشهده اليوم لكن! ليس في كل الملفات خاصة وأنه لا يمكننا ان نترك الطفل بمفرده امام هذه الشبكة التي أضحت تشكل خطرا حقيقيا على صغار السن والمراهقين. معلمتي أجبرتني.. ريم تلميذة بالسنة الخامسة ابتدائي بمدرسة بالعاصمة تقوم بدورها بملفات البحوث عن طريق البحوث من حاسوب والدها الشخصي بالمنزل أكدت في تصريحها أنها تحبّ القراءة والمطالعة والصاق الصور وتنظيمها الا ان معلمتها تصرّ عند اجراء كل بحث على أن يكون من الأنترنات دون غيره فأصبحت مجبرة على مسايرة نسق القسم حتى لا تتحوّل الى نشاز. والدة الطفلة ريم تدخلت في الموضوع رافضة نشر الاسم والصورة حتى لا تقع في مواجهة مع المعلّمة إلا انها دعت بالحاح الى بعث منشور داخلي بالمدارس حتى لا يجبر بعض المعلّمين التلاميذ على انجاز بحث الكتروني. المعلّم بريء أغلب ان لم نقل كل من تحدثنا اليهم رفضوا التصريح بهوياتهم حتى لا يقع إشكال للتلميذ داخل الفصل نفس الامر للسيد سالم معلّم يدرّس تلاميذ السنة السادسة ابتدائي والذي أكد ل «الشروق» أن المعلّم بريء كليا من هذه الافتراءات وأن بعض التلاميذ يستغلون عرض المعلّم للقيام ببحث فيلجؤون للأنترنات لأنها أسرع وأقل تعب وهنا على المعلّم ان يجعل من التلميذ متنوّعا في بحوثه. هجرة المكتبات العمومية المتتبع اليوم لحال المكتبات العمومية يلاحظ بصفة جلية خلوها من تلاميذ الابتدائي حيث عوّضت تلك الكتب والمطويات التي تباع جاهزة داخل المكتبات العمومية ففقدت بريقها الذي كان يميّزها. ليس اجباريا مصدر مسؤول بوزارة التربية وضّح ل «الشروق» ان موضوع البحوث المدرسية من المواقع الالكترونية غير اجباري بالمرّة ولا يخضع لبعض ما يقوله الأولياء، وأن التلميذ له الخيار في ملف مدرسي مرقون او بخط الأيدي وبالتالي فإن موضوع الاجبارية غير صحيح بالمرّة. قد تختلف وجهات النظر الا انها تصبّ في واد واحد واضح ان بحثا مدرسيا وخصوصا لتلاميذ الابتدائي غير ضروري بأن يكون من الشبكة العنكبوتية، رغم ما يحدث داخل بعض المؤسسات التربوية والحال ان بحثا يدويا للكتب والمجلات مفيد أكثر للتلميذ لتحسين زاده المعرفي.