إذا كانت الخطوط التونسية انتهت العام المنقضي (2009) بتراجع في أعداد المسافرين المنقولين و في العائدات المالية المسجلة. فان هذه النتيجة تبدو معقولة ولا تبعث على الانشغال والتخوف قبل سنة من تطبيق التحرير الكلي للأجواء أو ما بات يعرف بالسماوات المفتوحة. فهذا التراجع كان طفيفا ومحدودا و جاء في سياق عالمي اتسم بتراجع كبير في حركة السفر و النقل الجوي في العالم كانعكاس موضوعي وطبيعي للازمة الاقتصادية العالمية بل يمكن القول ان ما سجلته الخطوط التونسية كان أفضل بكثير مما حققته ناقلات كبيرة في العالم علما بأن السنة شهدت إفلاس وتدهور وضعيات عديد شركات الطيران في العالم. ويرجع مسؤولو الخطوط التونسية هذا التراجع المسجل الى عاملين اثنين: داخلي ويهم الغاء رحلات الحج والعمرة وخارجي ويتعلق بتراجع الرحلات غير المنتظمة أو «الشارتر» وهو أمر ناتج عن تراجع نوايا السفر والسياحة في أوروبا خاصة الحريف الاول لرحلات «الشارتر» للناقلة الوطنية. وقد يكون تراجع رحلات «الشارتر» على علاقة ولو نسبية بدخول بعض الناقلات الأوروبية المنخفضة الكلفة LOW COST الى تونس وتشغيل رحلات من عديد العواصم والمدن الاوروبية الى بلادنا وهو توجه مرشح الى التوسع في السنوات القادمة. كما ان الناقلات الوطنية الخاصة بدأت «تقضم» من هذه الكعكة التي اصبح التنافس عليها يشتد تدريجيا و هو ما يدفع الى التفكير في مزيد الاهتمام بهذا النشاط داخليا وخارجيا خاصة وان سفر التونسيين الى الخارج اصبح اكثر تنظيما في ظل توفر امكانية حجز الفنادق في الخارج انطلاقا من تونس ودفع معاليمها بالدينار وأمام الزيادة في منحة السفر والوصول بها الى 6 آلاف دينار في السنة لكل فرد بقرار رئاسي رائد. وما يدفع على التفاؤل خلال السنة الحالية والسنوات القريبة القادمة ان المؤشرات الاولى للسنة الحالية تبدو واعدة إذ تم تسجيل زيادة في النشاط بنحو 2٪ خلال الشهر الاول و هو اتجاه مرشح الى التواصل والارتفاع في ظل توقعات بزيادة في كل الاسواق السياحية أو اغلبها بنسب تتراوح بين 10 و5٪ بعد استعادة نسق النمو الاقتصادي في أوروبا. كما ان النية اصبحت متاكدة لتشغيل رحلات العمرة الخاصة بالمولد النبوي الشريف ابتداء من 20 فيفري المقبل وأيضا الخاصة بشعبان ورمضان وبعدها مواسم الحج. وفي المقابل فان الشبكة التجارية للناقلة مرشحة لمزيد التواصل في اتجاه خطوط جديدة في عدة قارات اعتمادا على توسع الاسطول وقرب الحصول على طائرات جديدة خلال السنة الحالية و السنوات القريبة القادمة. لكن هذا الأمل يبقى حذرا ويدعو الى مزيد اليقظة في ظل تواصل ارتفاع كلفة الوقود وبعض مكونات الاستغلال الاخرى وفي انتظار توسع التنافس الذي سيفرزه كسر حدود الحماية باقرار نظام التحرير الكامل للاجواء و هو ما سيجعل مطاراتنا وأجواءنا مفتوحة لكل الناقلات وبكل حرية.