قد يبدو قرار رئيس الدولة بإلغاء المعلوم الموظف على مادة وقود الطائرات (الكيروزان) بتونس والمقدر بنسبة 10٪ للوهلة الأولى قرارا عاديا من شأنه فقط التقليص في كلفة المحروقات للناقلات الوطنية الذي يمثل جزءا بسيطا من كلفة استغلالها، لكن الدارس لانعكاساته القريبة والبعيدة يدرك حكمة واستشراف رئيس الدولة وصواب مقارباته فهو بهذا الاجراء أعطى أجنحة ستساعد الناقلات الوطنية والمطارات التونسية على الاقلاع ودعم قدراتها التنافسية وهو قرار فهمت مقاصده الاسرة الموسعة للنقل الجوي والطيران المدني والمطارات وتلقته بمباركة كبيرة وأدركت أنه سيعطي دفعا للقطاع الموسع وكذا للقطاع السياحي. إن إلغاء المعلوم الموظف سيجعل أسعار وقود الطيران في مطاراتنا متناسقا مع الأسعار المعتمدة في بقية المطارات الدولية وهو ما سيدعم قدرات مطاراتنا التنافسية ويعزز إقبال الناقلات الجوية العالمية وتعزيز حركة نشاط الطائرات بها وزيادة عدد المسافرين والسياح العابرين والنازلين بمختلف مطاراتنا ومحطاتنا الجوية بما يعنيه ذلك من زيادة السياح القاصدين للوجهة التونسية ويحقق هدف البرنامج الرئاسي للخماسية القادمة بالوصول الى 10 ملايين سائح في أفق 2014. ويأتي هذا القرار في توقيت ذهبي قبل أشهر من التحرير الكامل من الاجواء التونسية. وقال الخبراء ان هذا الإلغاء سيوفّر للناقلات الوطنية سنويا 12 مليون دينار وهو ما سيقلص من كلفة استغلالها، ويذكر ان الناقلة الوطنية سجلت تراجعا في نشاطها خلال النصف الاول من العام نتيجة ارتفاع كلفة استغلالها وكان يمكن لهذا التراجع ان يكون طفيفا جدا اذا كان المعلوم الموظف الذي كانت مجبرة على دفعه مفقودا. والأكيد ان المبالغ الاضافية لمختلف الناقلات الوطنية التي سيضاف الى موازناتها سيعطيها أفقا أوسع لتطوير رحلاتها وأنشطتها الجوية بتقلص كلفة استغلال طائراتها وهو ما سيساعدها على مواجهة التنافس القوي من كبريات الناقلات الجوية العالمية وأساسا الناقلات ذات الكلفة المنخفضة «LOW COAST». هكذا هو دوما الرئيس بن علي بقرار وحيد يستهدف أكثر من طرف ويحقق أكثر من هدف.