«أحتاج الى مساعدتك العاجلة... أنا الاستاذ (...) أنا على سفر ومتواجد حاليا بيرمنغهام وقد تعرضت للسرقة عندما كنت في مهمة رسمية... اتصلت بالسفارة فلم أتلق ردّا... لقد فقدت كل مالي رجاء مساعدتي بارسال مبلغ 3800 دولار لخلاص ثمن اقامتي وسأعيد لك المبلغ حال عودتي الى تونس، وذلك على العنوان التالي (...)». هذا نص رسالة الكترونية التي بعث بها أحد القراصنة (أو مجموعة منهم... أو أفراد شبكة) الى عدد من الاشخاص وكل صديق عنوانه مدوّن في سجل الرسائل الالكترونية لأستاذ جامعي وطبيب تونسي يشغل خطة هامة بعد اختراق موقعه والاستيلاء على حسابه البريدي. طريقة جديدة للتحيل تفطن لها الدكتور السيد ر.م. رئيس قسم باحدى المؤسسات الاستشفائية الجامعية بتونس حين اتصل به صديق من باريس وأعلمه بأنه سيرسل المبلغ المالي حالا متسائلا في الآن ذاته ان كان يرغب في المزيد لدفع فواتيره... عملية قرصنة جديدة تنضاف الى سجل العمليات التي حدثت مؤخرا وتضرر منها عدد من الأشخاص... طريقة جديدة للسرقة وللضحك على الذقون باستعمال التكنولوجيا... حال هذا الطبيب المعروف كحال غيره ممن تعرضوا الى عمليات مماثلة تحول بعضها الى عرائض قدمت لوكالة الجمهورية ضد كل من يكشف عنه البحث. استغلوا اسمي للابتزاز! بدا مذهولا ومستاء أكثر وهو يحاول الاتصال بأكثر من صديق في أكثر من بلد أوروبي وعبر العالم، ليخبرهم بأن حسابه البريدي (الالكتروني) تعرض للقرصنة وأن لا علاقة له لا من بعيد ولا من قريب برسالة الاستغاثة الكاذبة. تحدث الدكتور ر.م. ل «الشروق» فقال: «بحكم منصبي وعملي فإن لي علاقات مميزة بجهات طبية في عدة دول مثلت فيها تونس لذلك فإن موقعي الالكتروني مثقل بالعناوين لأشخاص مهمين... قبل يومين حاولت الولوج الى حسابي على موقع yahoo للاطلاع على الرسائل الواردة لكني فشلت، إذ في كل مرة أدون فيها الرقم السرّي يظهر على الشاشة أنه رقم خاطئ وحين يئست من المحاولة أغلقت المحمول الى حين الاتصال بأخصائي. ومباشرة بعد ذلك اتصل بي على هاتفي الشخصي صديق من باريس ومباشرة سألني إن كانت احوالي جيّدة وهدأ من خاطري بعد أن أعلمني بكونه سيرسل حالا مبلغ ال 3800 دولار الى العنوان الذي أنا فيه، وسألني إذ كنت أريد أكثر... صدمت للخبر فأنا في تونس ولم أسافر في أي مهمّة عمل ولم أفقد وثائقي ولا يمكن أن أستعير مبلغا ماليا من أي كان. أعلمته بكوني بخير ولا أحتاج المال. حينها سألني عن سر الرسالة الالكترونية العاجلة التي تلقاها ليلا وأرسل لي نسخة منها عبر الفاكس... نفس الأمر حدث مع صديق ثان بجنوب افريقيا الذي اتصل بدوره للاطمئنان على حالي قبل ارسال المبلغ المالي. لقد اخترق شخص ما حسابي واستغل صفتي ومركزي الاجتماعي للتحيل... لقد اتصلت بعدد من الاصدقاء فأكّدوا لي جميعا أنهم تلقوا نفس الرسالة الالكترونية واستغربوا من محتواها، وحتى عائلتي تلقّت نفس الرسالة ومنهم ابنتي». شكاية يسكت محدثنا لحظات قبل أن يضيف: «لقد شوّشت هذه العملية تفكيري ولا أدري إن كان هناك صديق قد أرسل مالا فعلا. لقد قمت باعلام الموقع بعملية القرصنة من أجل الاسراع باغلاق حسابي نهائيا وتقدّمت بعريضة الى وكالة الجمهورية ضد هذا الشخص أو الأشخاص الذين قرصنوا حسابي لمعرفة من المستفيد من وصول الحوالة الى العنوان المدوّن بالرسالة». قصة الدكتور ر. م. ليست الوحيدة إذ يبدو أننا نحتاج اليوم الى مزيد الحماية في مجال الالكترونيات من جهة والى العودة الى الاجندا الخطية خاصة وأن الجرائم الالكترونية تتطور يوما بعد يوم وترتفع بنسق ملحوظ بعد أن تم مؤخرا القبض على شبكات متورطة في هذه العمليات ومن بينها قرصنة الحسابات ومواقع «الفايس بوك» وتحويل الأموال الافتراضية والسلب عن بعد.