149 ألف طن، هي كمية الزيت النباتي المدعم الذي تم استهلاكه في بلادنا طوال سنة 2009 ... وتقول أرقام وزارة التجارة والصناعات التقليدية ان الكمية كانت في حدود 174 ألف طن سنة 2008، بما يعني تراجعا ب 25 ألف طن .. أسباب هذا التقلص في نفقات دعم الزيت النباتي تعود حسب المصادر الرسمية الى برنامج توجيه الزيت المدعم نحو الاستهلاك الأسري فقط ومنع استعماله لغايات تجارية في المطاعم والنزل والمصانع والمخابز ومحلات المرطبات والأكلة الخفيفة. ورغم هذا التقلص فإن المختصين يرون أنه دون المطلوب وكان من المفروض ان تكون الكمية المقتصدة من الزيت طوال عام كامل أكثر من 25 ألف طن لو تخلت فعلا كل المطاعم والنزل والمصانع وغيرها عن استعمال هذا النوع من الزيت .. وحسب أنشطة المراقبة الاقتصادية، فانه وقع تسجيل عدة مخالفات لدى المحلات المذكورة التي لم تمتنع عن استعمال الزيت المدعم، وهذا بقطع النظر عن نجاح آخرين في الهروب من أعين المراقبة بطرق ووسائل مختلفة خاصة أن فرق المراقبة ليست لها الامكانات الفنية والبشرية واللوجيستية اللازمة لتسليط رقابتها على كامل تراب البلاد حيث ينتشر عدد كبير من باعة الأكلات الخفيفة و «السندويتشات» (على الطرقات وفي المناطق الريفية والأحياء الشعبية) الذين يستعملون هذا الزيت بحكم سعره المنخفض (900 مي للتر) مقارنة بالزيوت النباتية الأخرى (2500 مي للتر)... تشديد كثّفت فرق المراقبة الاقتصادية في الفترة الأخيرة من رقابتها على المطاعم والنزل ومحلات الأكلة الخفيفة للاطلاع على مدى احترامها لمنع استعمال الزيت المدعم وهو ما تذمر منه المهنيون معتبرين ان الأنواع الأخرى من الزيوت النباتية باهظة الثمن ويؤدي استعمالها الى تراجع في مرابيحهم. لكن من جهة اخرى فإن فلسفة سياسة الدعم تقوم على توجيه المواد المدعمة للاستهلاك الأسري فقط وليس لتحقيق مرابيح تجارية او صناعية وهو ما يعني ردع كل من يخالف هذا التوجه .. صعوبة من جهة اخرى، تؤكد الجهات المعنية بالرقابة انها تجد أحيانا بعض الصعوبات في مراقبة المطاعم ومحلات الأكلة الخفيفة التي تعتمد بشكل كبير على الزيوت ... اذ يعمد هؤلاء الى استنباط عدة حيل توحي بانهم يستعملون الزيت غير المدعم ... وهو ما يعني ان لعبة «القط والفأر» مرشحة لمزيد التواصل بين المراقبة والمحلات المذكورة مما يفرض حتمية المرور الى حلول اخرى أكثر نجاعة لانجاح هذا التوجه .. ومن الحلول المقترحة من قبل المهنيين دعوة مصانع تعليب الأصناف الأخرى من الزيوت النباتية غير المدعمة (زيت عباد الشمس والقطانيا ..) الى مزيد الضغط على أسعارها حتى تقدر المطاعم خاصة الشعبية على استعماله دون أن يؤثر على مرابيحها فسعر 2500 مي للتر الواحد يعتبره أغلب اصحاب المطاعم باهظا للغاية. ومن الحلول الأخرى ايضا اعتماد حل وسط وهو فرض استعمال الزيت غير المدعم في المطاعم والنزل وغيرها من المحلات المعنية بنسبة معينة وليس بنسبة 100%. كما يقترح آخرون ايجاد صيغ معينة للحد من استعمال الزيت في المطاعم والنزل كالتقليص مثلا من المأكولات المقلية وتحسيس المواطن بالابتعاد عنها خاصة ان مضارها الصحية لا تحصى ولا تعد (سمنة، تصلب الشرايين، امراض القلب). وقال أحد المهنيين في هذا الصدد انه يمكن المرور تدريجيا من مرحلة «الدعوة والتحسيس» الى مرحلة المنع، ويمكن ان تكون البداية مثلا بمنع بيع «الفريت» داخل المطاعم باعتباره الأكثر استنزافا للزيوت .. لكن مثل هذا التوجه يبقى رهين تجاوب المهنيين معه.