كنت شاهد عيان على لقاء مثير للاشمئزاز والتقزز جمع بين واحد «يجري على الخبزة» وآخر لا يعرف من الخبز إلا خبزة «البيتزا». وخبزة «القاطو» خاصة اذا كانت «خبزة باردة» الاول سائق تاكسي والثاني «عامل فيها مسؤول كبير» في قطاع النقل، حضرة هذا المسؤول أصرّ على أن يفتك من السائق خبزته عفوا أوراقه بدعوى أنه أفرط في السرعة وأنه كاد يقتله ويتسبب في كارثة في الطريق. قد يكون هذا المسؤول محقا في ما يدعي ولكنه مخطئ في السيارة المعنية إن وُجدت وليست هي سيارة التاكسي التي كنت أركبها. وللشهادة أقول إن سائقها لم يقترف شيئا مما ادعاه حضرة المسؤول على الاستقامة في الطريق هداه الله الى الطريق المستقيم في المسؤولية. الى حد هنا تبدو المسألة شبه عادية. ولكن الجزء الثاني من المأساة جاء في صورة العمدة في الصعيد كما ترسمه المسلسلات المصرية وخاصة ذاك المسمّى ب «العمدة قانون» السائق كان أبيض الشعر وفرض عليه الكبر ثقل الحركة أما المسؤول فكان كهلا زاده الكرسي حماسة في افتكاك أوراق ذاك السائق المظلوم. عقدة التشويق في هذا الفيلم القصير هو رؤيتي لذاك السائق الشيخ وهو يعانق ويقبل ذاك المسؤول عناق الجد لأحفاد أحفاده. وهو يطلب منه أن يسامحه ويعفو عنه عن ذنب لم يقترفه إطلاقا. والغريب أنه بقدر ما كان التقبيل والعناق حارّين بقدر ما كان ذلك المسؤول حارا في تعنته وباردا في حسّه وشعوره. انتهى الجزء الاول من العرض بأن تسلّم السائق أوراقه المفكوكة. أما الجزء الثاني فيكمن في جواب سائق التاكسي عندما سألته كيف تعانق وتقبل الظالم وأنت المظلوم؟ إذ قال: «خايف على خبزتي».