هل أن الشارع التونسي الذي احمر ذات أيام بدماء الشهداء والجرحى من أجل ان يصفر اليوم بالتاكسيات؟ وهل أن ذات الشارع الذي اكتظ أياما وليال بالشباب الحائر الناقم الثائر من أجل الكرامة يكفيه فخرا أنه بات مكتظا ب«البراوط» حتى وان كان في هذا وذاك لقمة عيش ومورد رزق قد يزول بين الفينة والأخرى؟ وما هي الأسباب الكامنة وراء تزامن كثرة «البراوط» والرخص الممنوحة للأحزاب و«التاكسيات» في وقت واحد؟ هل هي الحكمة؟ أم «دزان عجلة» في مجابهة الأوضاع؟ أم أن الخلايا النائمة للفوضى الدائمة استيقظت على توقيت الحكومة المؤقتة في شكل أحزاب وأقطاب وأسراب وأذناب تملأ الساحة دورانا ذا ثلاثة أنواع «تدوير الايدي» و«تدوير الزيرو» و«الدوران في الحياصة» ولهذا لا غرابة ان قلت حقا تجد من يترقبك في «الدورة» للحساب والعقاب. على كل يبدو أن العلاقة بين الاحزاب و«التاكسيات» و«البراوط» هي أن ثلاثتها تعتمد على اللف والدوران ولا تستقر لا على وجهة ولا على مكان الا نادرا مع اختلاف في الغاية وهي أن أصحاب «التاكسيات» وأصحاب «البراوط» كل «يجري على الخبزة» المدعومة وفي بعض الحالات بجهد جهيد ولا يطالها كاملة اذ يجد من شاركوه فيها، وكذلك الاحزاب تجري هي الأخرى على الخبزة ولكنها خبزة «القاطو» في فرن المجلس التأسيسي. وأية خبزة هذه يا صاحبي يا خبيزة؟ وأي قاطو هذا الذي أسال حتى لعاب الموتى عن طريق الاحياء بالنيابة؟ قيل والعهدة على من قال ومن ردد القول ومن سمعه ومن صدقه ومن لم يصدقه إن هذه الخبزة معطرة بعطر باريس، وبها كل أنواع فواكه آسيا وعسل روما، ومكونات أخرى من لندن وجينيف ولكسمبورغ وفيها فارينة الأمريكان والسكر الخليجي و«الزبدة العربي» للبركة طبعا على نخبك يا وطن.