تستعدّ قوات حلف شمال الأطلسي لخوض أكبر معركة لها منذ غزو أفغانستان وقامت خلال اليومين الماضيين بحشد عشرات الآلاف من الجنود على مشارف مدينة «ناد علي» بإقليم هلمند، وقد أعلنت قيادة القوات بأن الأفغان هم من خططوا للعملية وهم أيضا من سيقوم بتنفيذها وأن جنود التحالف سيكون دورهم التعزيز من الخلف لا أكثر. وظهرت المخاوف الأمريكية والبريطانية جليّة من خلال تصريحاتهم، ورجحوا سقوط عدد لا بأس به من القتلى في صفوف جنودهم ولكن هنا كان علينا أن نتساءل كيف ذلك؟ تعدّ مدينة أو مديرية «ناد علي» من أبرز معاقل حركة «طالبان» وقد توعدت الحركة بعدم المغادرة والصمود، كما أنها أعدت التحصينات ولغمت المدينة بأكملها. ومن هنا يمكن أن نكتشف أمرين أولهما أن إصرار الادارة الأمريكية على القيام بهذه العملية والدفع بعشرات الآلاف من الجنود لخوضها يعبر عن حاجة أوباما الماسّة ل«شهادة تشجيع» على صعيد السياسة الخارجية. وبالطبع فالادارات الأمريكية لم تعر الخسائر المادية يوما انتباهها وهو ما يؤكد تأصل سياسة «أنا ومن بعدي الطوفان» لدى مختلف هذه الادارات. وبالنسبة الى النقطة الثانية فكانت نوعا من التلاعب باللغة تمارسه قيادة قوات الحلف الأطلسي، حيث هي من جهة تقول بأن القوات الأفغانية خططت بنفسها للعملية وستكون في المقدمة عند التنفيذ ومن ناحية أخرى أطلقت على العملية تسمية «العملية المشتركة». ومن هنا يمكن أن نكتشف المخطط الأمريكي البريطاني، فإذا فشلت العمية سيتحمل الأفغان المسؤولية بما أنهم خططوا ونفذوا ولن تحمل أمريكا ولا بريطانيا وزر الفشل وإن قتل عدد كبير من جنودهما. ومن جهة أخرى سيحمل أوباما «شرف» أول انتصار في معركة ضد «طالبان» إذا نجحت العملية وسيكون قد نجح في أمرين وفق ما ستروجه وسائل الاعلام وهما تكوين قوات أفغانية والنصر. وإضافة الى ذلك يمكن أن نتوقع «انتصار» القوات الدولية في هذه الحرب لأن وقودها، وكما صرح العديد من المسؤولين، سيكون أفغانيا، أي أن «طالبان» ستخوض معركتين الأولى ضد ا لقوات الأفغانية وإن انتصرت عليهم ستدور المعركة الثانية ضد جحافل التحالف والتي ستجد عناصر أنهكت قواها ونفذت ذخيرتها وبالتالي ستجرّ الانتصار على جثث الجنود الأفغان في ساحات «ناد علي» لتحمله إكليلا من «الورد» يعلق في عنق صاحب الفضل أوباما. إذن هذه هي قصة المعركة القادمة باختصار فالدم من الأفغان و«الشرف» للأمريكان.