تشهد الجزائر هذه الأيام انتفاضة غضب على وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير.. وذلك على خلفية تصريحاته التي قال فيها إن علاقات فرنسابالجزائر سوف تتحسّن حين يرحل جيل الثورة في الجزائر.. وبذلك يكشف هذا الوزير «الناشط جدا» في مجالات الحريات وحقوق الانسان والذي لا يتردد باسم هذا «الحسّ الانساني» عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول في إصرار واضح على إعطاء المواعظ والدروس، يكشف عن وجهه الاستعماري الذي يحاول مواراته وراء قناع الدفاع عن القيم الكونية.. فهو بهذا التصريح يخرج الحقبة الاستعمارية الحالكة التي تسلطت على الشعب الجزائري طيلة 130 عاما وأغرقته في بحار من الدماء والتقتيل، خلفت ما لا يقل عن مليون ونصف المليون شهيد من كل سياقات الواقع والحق والتاريخ.. ويعطيها شهادة براءة تبيّض وجوه وأيدي السفاحين الاستعماريين من كل الفظاعات التي سلطها الاحتلال الفرنسي على الجزائر وتعفي أحفاد محتلي الأمس من مطلب الاعتذار والتعويض المشروع الذي تطالب به الجزائر حكومة وشعبا.. ويلقي بالتهمة في إفساد العلاقات بين فرنساوالجزائر على كاهل جيل الثورة والتحرير في الجزائر.. مستكثرا بذلك على شعب المليون ونصف المليون شهيد مطالبته بحق مشروع في الحصول على طلب الصفح والمعذرة من قبل جلادي الأمس وفي الحصول على تعويضات مجزية.. تبقى دماء الشهداء ومعاناة شعب طيلة 130 سنة أغلى منها مهما كانت مجزية. ومع ذلك فإن السيد كوشنير وفي لحظة عجز إزاء الرفض الجزائري الصارخ لاستقباله في العاصمة الجزائرية لم تعتذر فرنسا عن جرائم الحقبة الاستعمارية وتقبل بدفع التعويضات فقد بوصلته وخانته قدراته على السفسطة فقال ما قال.. كاشفا بذلك عن وجه استعماري قبيح يصر بعض فرنسا على عدم إدانته.. ومحاولا الاساءة مرتين الى الجزائر والى تاريخ الجزائر والى شعب الجزائر: مرة بالاصرار على عدم الاعتذار وطلب الصفح.. ومرة بمحاولة اغتيال شهداء الجزائر وذاكرة شعبها من خلال إلقاء وزر تدهور علاقات البلدين على جيل التحرير والثورة وليس على جريمة الاحتلال وما تبعها.