انتقد مجاهدون ينتمون لفدرالية جبهة التحرير بفرنسا ''تملص نواب البرلمان من مسؤولياتهم''، بخصوص الحالة العالقة التي يوجد عليها مقترح قانون تجريم الاستعمار. وأعابوا على السلطات ''عدم تحليها بالإرادة السياسية الكافية'' التي تمكّنها من الضغط على فرنسا للاعتراف بجرائم الفترة الاستعمارية. التقى أعضاء من فدرالية الأفالان بفرنسا، أمس، بالعاصمة، لاستحضار محطة هامة في تاريخ ثورة التحرير 1954 تتعلق بنقل الثورة إلى التراب الفرنسي في 25 أوت ,1958 بقرار من لجنة التنسيق والتنفيذ. وقدم مجاهدون روايات عن نشاطهم الذي كلفتهم به جبهة التحرير بفرنسا. وطلبت ''الخبر'' رأي بعضهم في مبادرة تجريم الاستعمار التي توقفت دون أن تصل إلى نهايتها، وفي موضوع اعتراف فرنسا بجرائمها، وما إذا كان ذلك ممكنا في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي. قال شافع فضيل، الذي سجن بفرنسا في 1957 بسبب نشاطه السري، إن مجاهدي فدرالية فرنسا ''تنتظر من المسؤولين الجزائريين أن يأخذوا ملف تجريم الاستعمار بجدية وحزم، وأن لا يتركوه بين أيدي أشخاص يستغلونه في المناسبات وحسب الظروف''. وبدا المجاهد متذمرا من ''صمت'' النواب المبادرين بمقترح التجريم، بعد امتناع الحكومة عن الرد عليهم وقال: ''سكوت النواب دليل على أن المقترح ذر للرماد في العيون. فالملف تم رفعه إلى الحكومة لتنظر فيه وأخذت الوقت الكافي لذلك، ولكنها لم تبلغ مكتب البرلمان بموقفها. ثم انتهى الأمر وكأن الهيئة التشريعية غير معنية بالقضية.. إن ذلك جعلني أستنتج، كمجاهد، بأن نوابنا دون مستوى هذه المهمة الكبيرة''. ويعتقد شافع فضيل بأن السلطات الجزائرية ''عاجزة عن بلورة مطالب واضحة بخصوص الاعتراف بالجرم وطلب التعويض، وعاجزة عن إيصالها إلى الفرنسيين.. وبالتالي، فاللوم يقع علينا وليس على فرنسا''. ويعتقد أيضا أن فرنسا في عهد الرئيس ساركوزي لن تقدم على خطوة في اتجاه تحمّل تبعات ماضيها الاستعماري ''ولكن ينبغي أن نعترف بأن دبلوماسيتنا لم تؤد الدور المطلوب منها في هذا الملف''. وتم العرض التاريخي حول نقل الثورة تحت إشراف منظمة المجاهدين وبحضور أمينها العام السعيد عبادو. وطالب عضو الفدرالية أحمد عراد الحكومة بأن تتكفل بتسيير مطلب التجريم والاعتراف بالجرائم.. ''فالدولة مطالبة بالبحث عن الأدوات التي تعطي لقضية التاريخ وزنا يمكّن الجزائريين من التأثير على فرنسا''. وأضاف عراد، الذي قدم عرضا تاريخيا عن نشاط فدرالية فرنسا: ''توجد أمثلة كثيرة عبر العالم على تحمل دول مسؤولياتها تجاه دول وكيانات؛ فألمانيا قدمت الاعتذار لفرنسا بسبب الاحتلال، وفعلت إيطاليا نفس الشيء تجاه ليبيا، ومازال اليهود يأخذون المال على سبيل التعويض من ألمانيا إلى اليوم.. فلماذا ترفض فرنسا أن تفعل نفس الشيء تجاه الجزائريين؟''. وتعليقا على تصريحات وزير الخارجية برنار كوشنير، بشأن ''تحسن علاقات فرنسا مع الجزائر بعد رحيل جيل الثورة''، قال أحمد عراد: ''إذا كان الفرنسيون يعتقدون بأن جيل الاستقلال سيكون أفضل من حيث التعامل معهم، هذا يعني بأن جيل الثورة لم يقم بواجبه''. وتساءل: ''هل بإمكان كوشنير أن يطلب من الشباب الفرنسي نسيان ما فعلته بهم النازية؟ إذا قام بذلك سنطلب من شبابنا نفس الشيء''. وأوضح ميلود حيمر، وهو من الذين نفذوا عمليات فوق التراب الفرنسي، أن جيل الثورة ''أصبح شوكة في حلق المتشبعين بالأفكار الكولونيالية، ويعتقدون بأن نزعها يكون برحيل جيل الثورة عن الدنيا.. ولكنهم مخطئون''. ودعا حيمر البرلمانيين الجزائريين إلى استعمال صلاحياتهم الدستورية في تمرير مقترح القانون.