ألمح الاجتماع الأخير للمكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري المنعقد أول أمس الخميس إلى انشغال كبير بتدني العديد من المنتوجات الفلاحية وخاصة الغلال والخضر ودعا إلى معالجة هذه الظاهرة التي تشهدها عادة مواسم الوفرة. «الشروق» اتصلت بالسيد محمد كمال الخلفي الكاتب العام للجامعة الوطنية للأشجار المثمرة وبحثت معه واقع القطاع وآفاقه وخاصة من زاوية انتظام تزويد الأسواق بمختلف أصناف الغلال وعلاقة ذلك بمنظومات التخزين والتوريد والتصدير. أكد السيد محمد كمال الخلفي أن الانتاج المتوفر حاليا من الغلال هو انتاج قياسي وقال ان صابة الغلال البدرية طيبة جدا حيث سجلت ارتفاعا تراوح بين 5 و20 في جلّ الأصناف (مشمش / لوز / خوخ / فستق) وأضاف أن كل المؤشرات تؤكد بأن انتاج التفاح والإجاص والتين سيكون أرفع بكثير من الموسم الفارط. صعوبات وأشار المتحدث إلى أن تحسن معدلات الانتاج نجم بالاضافة إلى العوامل الطبيعية إلى اقدام الفلاحين على العمل والمثابرة بجهد لتطوير أعمالهم، وقال رغم ذلك فإن وفرة الانتاج قد أوجدت صعوبات جمة للمنتجين من ذلك تدني أسعار البيع الذي لم يطابق كلفة الانتاج في ظل المردودية الضعيفة. وأضاف كاتب عام جامعة الأشجار المثمرة أن سوق بئر القصعة يتم تزويده يوميا بألف طن من الغلال التونسية وتبقى منها 100 طن كفائض لليوم الموالي دون بيع وهو ما يعني أن العرض أكثر من الطلب وقال المتحدث رغم ذلك تدخل نفس السوق يوميا 30 طنا من الموز المورد.. وتساءل عن الجدوى من ذلك رغم أنه كان الأجدى دعم الغلال التونسية بالنظر إلى فوائدها الغذائية وانعكاساتها على واقع المنتجين المحليين، وأضاف المتحدث أنه تم التطرق في اجتماع مع السيد منذر الزنايدي وزير التجارة مؤخرا إلى الموضوع ورغم الاقرار بأن تحرير توريد الموز هو مندرج في إطار سياق عام للاقتصاد الوطني فإن وعودا قدّمت قصد التقليص من كميات الموز الموردة خلال الأشهر القادمة. تخزين ويرى السيد الخلفي أن وفرة الانتاج الحالية ستكون لها انعكاسات أخرى لا فقط على المنتجين الذين تضرروا من تدني الأسعار بل على منظومة تزويد الأسواق وانتظامها خلال الفترات القادمة وخاصة على ندرة الغلال في ظل الواقع الحالي المتصف بعدم وجود مراكز خزن وتبريد كافية وأضاف: «أكبر مشكل يعترض انتاج الغلال حاليا هو مراكز الخزن والتبريد التي هي ملأى الآن بكميات من البطاطا والموز في حين أننا سنكون قريبا (غرة سبتمبر) في حاجة إلى فضاءات لخزن كميات كبيرة من الاجاص والتفاح الخرفي المادتين اللتين سيتم بهما تغذية الأسواق فترة نقص الغلال السنوية التي تسجل في أشهر (مارس وأفريل وماي)». وأكد المتحدث أن انعدام فضاءات كافية للتخزين ستتسبب (مع تواصل توريد الموز) في نزول كميات كبيرة من الاجاص والتفاح إلى الأسواق مما سيؤدي إلى تراجع الأسعار والضرر الكبير بالفلاحين الذين سيعيشون عندها حالة حقيقية من الاحباط مع اضطرار الدولة لاحقا إلى توريد أصناف أخرى من الغلال خلال فترة ندرة الغلال التونسية المشار إليها وذلك مشكل آخر أكثر تعقيدا. جرد وشفافية ويعتقد كاتب عام جامعة الأشجار المثمرة أن على كل الأطراف المتدخلة في ملف تزويد الأسواق من مصالح حكومية ومنتجين ومستثمرين أن تقوم بجرد واضح لمخازن التبريد الموجودة حاليا بمنتهى الشفافية والعمل على تأهيلها والرفع من طاقتها كما أن البنوك (وخاصة البنك الوطني الفلاحي) مطالبة إلى تكثيف تمويلاتها من أجل ايجاد المزيد من مراكز التجميع والخزن مع ضرورة تثمين خطوط تمويل أخرى لذلك وخاصة خطي التمويل من كل من اسبانيا وإيطاليا المتوفران حاليا. وستوفر مضاعفة طاقة التخزين أجواء أخرى ستساهم في تجاوز العديد من النقاط السلبية خاصة إذا ما وقع التعويل على بعث مراكز تخزين قريبة من الضيعات الفلاحية بما يساهم في التحكم لاحقا في الطاقة الانتاجية خاصة بالنسبة لصغار الفلاحين ويؤكد المتحدث على ايجابية رصد حوافز وتشجيعات خاصة ببعث مخازن تبريد وقال المتحدث أن ملتقا تنسيقيا وتشاوريا سيعقد قريبا في اطار نشاط الجامعة الوطنية للأشجار المثمرة بين المنتجين وأصحاب مخازن التبريد لربط الصلة وتقريب وجهات النظر. وأفاد السيد الخلفي أن التصدير يعدّ كذلك أحد أهم الحلول التي يمكن دعمها وتحفيزها خاصة بعد أن تم تصدير كميات هامة في المدة الفارطة ووجود فرص تصديرية أخرى في اتجاه ليبيا والأسواق الخليجية بالاضافة إلى الأسواق الأوروبية. وفي مقابل دعوته المنتجين إلى احترام ضوابط الخارطة الفلاحية عند التوسع في الغراسات فإن كاتب عام جامعة الأشجار المثمرة يدعو الوزارة المعنية إلى وضع خط مديري لتوجيه الفلاح بما يجنّبه الوقوع في حالات تذبذب للانتاج.