كتاب جميل في اخراجه وفي ورقه وفي صوره الملونة الأخاذة ولئن كان الكتاب يهتم بمقبرة قريش فإنه في الواقع لم يقتصر عليها بل كان كتابا شاملا عن القيروان وعن تاريخها وعن علمائها وفقهائها وسائر رجالها. مؤلفته هي ابنة أخ الشاعر محمد الفائز القيرواني. استهلت كتابها بترخيص بلدي يخول لها القيام ببحث حول مقبرة قريش وانجاز عمل توثيقي مرجعي لأهم الشخصيات التاريخية والفقهية والصالحين المدفونين بالمقبرة المذكورة. يقول الأستاذ محسن الحبيب في التقديم الذي كتبه لهذا التأليف» ... إذا عنون الكتاب ب «اطلالة على مقبرة قريش بالقيروان» فإنه يتأكد أن توضع تلك المقبرة في اطارها الزماني والمكاني وان كانت لهذا الزمن بداية فإنه مازال يتيح لأهل القيروان المجال الفسيح والخصب للعطاء والنماء بالتوازي مع نهضة الوطن.... أما المكان فإنه في وئام وانسجام وتناغم مع ضرورة الزمن لذلك كان الكتاب تاريخا للقيروان ولما عرفته من مكانة في التاريخ الإسلامي انطلاقا من الفتح بفضل علمائها ومفكريها وأدبائها وأبطالها الذين كانوا يسابقون الزمن في اكتساب المعرفة ... ويواصل كتاب التقديم قائلا.... «هذا الكتاب غزير بمضمونه المتنوع ورائق بصوره ورسومه وخرائطه وجداوله وبياناته...» ويقول الناشر عن الكتاب» ... ما أرخه الكتاب يتجاوز مقبرة قريش المعلم التاريخي النادر مثله، ليشمل مدينة القيروان (احدى أهم مدن تونس) بكل أبعادها ومآثرها التاريخية، والدينية والثقافية والسياسية والاقتصادية والحضارية...». الكتاب اذن غزير في معلوماته ووثائقه النصية والمصورة وقد لا يمكن للمرء ضبط نصوصه الكثيرة والمتصلة بشتى مظاهر القيروان وبمختلف حللها اجتهدت الباحثة في أن تقدمه لنا وثيقة قيمة يمكن اعتمادها في دراسة مدينة القيروان. اشتمل الكتاب على مائة وثمان وتسعين صورة ملونة غطت مختلف مواقع القيروان يتصل أغلبها بطبيعة الحال بمقبرة قريش وبالمواقف الأخرى في القيروان. أما المهم فيه فهو ذلك الجدول الوارد على الصفحة 136 والذي يستعرض الفقهاء والزهاد المدفونين في مقبرة قريش بالإسم واللقب والتعريف ومكان الدفن. فمن خلاله يمكن للقارئ أن تحصل لديه فكرة عن هذا العالم أو ذاك الفقيه وقد اشتمل الجدول على تسعة وستين دفينا. ولعل نظرة سريعة على الفهارس تدلنا على باقي محتويات الكتاب. فهرس الصور يقدم لنا مفاتيح الصور أعني أسماء المواقع التي عبرت عنها هذه الصور أو تلك وفهرس المخططات فهو ينبئنا عن الخرائط والرسوم البيانية ومواقع الأمكنة المتحدث عنها في الكتاب... أما فهرس الموضوعات فهو يحولنا على مجمل عناوين النصوص الواردة في الكتاب وهي كثيرة تراوح بين الحديث عن مقبرة قريش وبين الحديث عن مساجدها والنعوش والصناديق ومقبرة قريش بالكاظمية والمقامات والى غير ذلك. سبقت هذه النصوص نصوص عامة تحدثنا عن الموت في القرآن والسنة وتقدم لنا معطيات وأرقاما عن ولاية القيروان وعن خصائصها الديمغرافية وعن أسوار المدينة وعن مقابر القيروان عموما. الكتاب وثائق في وثيقة اجتهدت صاحبته في أن تجعل منه مرجعا عن القيروان منطلقة من الحديث عن «مقبرة قريش» بالقيروان.