هناك قواعد كروية أكل عليها الدهر وشرب .. بل ذهبت مع أهلها بلا رجعة حتى صارت محاولة فرضها على واقع اليوم مضحكة الى حد البكاء .. لأن الزمان لا يعود .. وأهله لا يعودون مهما مضغتهم الأفواه .. ومن هذه القواعد الأندية الكبرى لا تنهزم مرتين متتاليتين في وقت صرنا نراها تتعثر اكثر من مرة دون ان تهتز للاعبيها اية قصبة .. فتلك القاعدة ولدت يوم كان اللاعب ينتمي عضويا وروحيا الى فريقه «ويأكل العشب» من أجله أما اليوم فقد تغيرت الدنيا وصار اللاعب لا يخجل من الخسارة بل هناك من يطالب بحقوقه «تحت الدوش» وهو خاسر رافعا شعار الاحتراف المزيف الذي افقد الفرق الكبرى هيبتها فصارت تستجدي مرة وتفتك اخرى «أولاد الناس» من فرق لا حول لها ولا قوة غير بيع ابنائها لتعيش .. النادي الصفاقسي واحد من هذه الفرق الكبيرة التي تسعى الى المحافظة على هذه «الميزة الاسمية» بلعب الأدوار الأولى في كل مسابقة تحشر فيها أنفها وهو ما يجعلها اليوم امام مسؤولية رد الاعتبار للجمهور الذي لم يهضم نتائج فريقه هذا الموسم ويطالب بما هو أحسن خاصة ان فريق عاصمة الجنوب يملك كل مقومات التحليق فوق جراحه خاصة بعد الهزيمة الأخيرة أمام الافريقي بما يزيد في رغبة كل أطرافه في استعادة الثقة أولا واضافة توابل النكهة للبطولة ثانيا بايقاف زحف الترجي.. السؤال يقول هل يرضى زملاء خليل شمام بهذا القرار الذي يعيدهم الى منطقة الخوف من المجهول خاصة ان الفريق تعثر بما فيه الكفاية هذا الموسم ؟ والجواب لا يتطلب قواميس كروية لكشفه خاصة ان جمهور الترجي لن يرضى بترك اي واحدة من النقاط الثلاث على أرض صفاقس وهو الذي شاهد جاره في باب الجديد يقضم كل النقاط منذ ايام على نفس الملعب وبالتالي فان الحسابات والمعطيات التي تسبق هذه المباراة ترفعها الى درجة «القمة» التي نتمنى من الأعماق الا نضيف لها اي نقطة على قافها (حاشاكم..). في بنزرت يعلم العربي الزواوي ان له اكثر من منافس آخر الى جانب الشبيبة بما يجعل من اللقاء نقطة استفهام كبيرة أمام الفريقين شأنه شأن النجم الساحلي ونادي حمام الأنف .. ف «الإسم» والمنطق والمعطيات ترشح الفريق المحلي ليس للانتصار فقط بل ليضرب بقوة داخل شباك «الهمهاما» كرد على كل ما حصل في المدة الأخيرة لكن الفريق الضيف يملك حق الصمود وتكذيب كل التكهنات. في المنزه لا نرى الافريقي مستعدا للتنازل عن الفرحة التي يعيشها هذه الأيام بتحقيق المعادلة الصعبة في كسب الانتصار مع الامتاع والاقناع .. ثم ان الافريقي لن يلعب بالنار في مواجهة الأولمبي الباجي رغم ان عينه ستكون على ملعب المهيري بصفاقس منتظرا هدية من هناك .. لكن قبل ذلك عليه قراءة أف حساب لتخطيط بلحوت خاصة انه وضع نفسه في فوهة مدفع قد يضرب في أية لحظة. في القصرين ينزل اتحاد المنستير ضيفا وهو يحمل رسالة واحدة تتضمن قرار الخروج من عنق الزجاجة خاصة ان تاريخه ورجاله وجمهوره وهيبته ومكانته في الكرة التونسية لا تسمح له ان يمرغ انفه أكثر في تراب الهزائم .. في الطرف الثاني من الملعب تقف القصرين .. كل القصرين وراء «مستقبلها» الراغب في الاقلاع وليس له من مهرب غير «حصد» النقاط الثلاث حتى لا يكون الموسم «عجرودة» .. خاصة ان أبناء تلك الربوع يدركون انه حتى ان ضاع زمن البذر فسيقهرون الواقع الأليم ويغالبون الطبيعة ليجدوا ما يمضغونه سدا للرمق .. وهم في الأصل «يهضمون» كل شيء الا التلاعب ب «حق» مستقبل القصرين..