في كل مرّة يطالعنا «نجم» من النجوم، إن صح التعبير بسلوك غريب يبعث على الحيرة في بعض الاحيان وكأنه بات يبحث عن لفت الانظار بطريقة أو بأخرى بعد أن عجز بقدميه عن فعل ذلك ولعلّ بلوغ مستوى البطولة أدنى درجات التردي وغياب كرة قدم راقية أكبر دليل على ما نقول. الحديث عن تمرّد النجوم ينطلق من مجموعة وقائع وممارسات قام بها بعض اللاعبين ما جعلنا نتحدث عن ظاهرة تبدأ من الاخلال بقواعد الفريق وصولا الى التمارين مرورا بسوء السلوك داخل الملعب ورفض تجديد العقود كلّها مظاهر تميز بها بعض اللاعبين في هذا الموسم رغم نجوميتهم الورقية. رفض تجديد العقود رفض تجديد العقود يعتبر شكلا من أشكال «التمرّد» خاصة وأن أغلب اللاعبين الذين يمكن ذكرهم في هذا السياق تنكّروا لأنديتهم التي جعلت منهم أسماء بارزة في الكرة بينما لم يكن يسمع عنهم أحد من قبل... نتحدث هنا عن لاعبين أمثال هيثم المرابط الذي يتمتنع عن الامضاء للنادي الصفاقسي ناسجا على منوال زياد الدربالي ومايكل اينرامو وألاكسيس والسويسي والقائمة طويلة... هنا وبغض النظر عن حق اللاعب في ضمان مستقبله الكروي وبعيدا عن سوء تصرف الاندية من حيث توقيت التفاوض مع هؤلاء لتجديد العقود فإن العروض الوهمية التي يروج لها اللاعبون تدفعنا للحديث في هذا الموضوع، فأغلبهم يتحدث عن صفقات خيالية ويطالبون بأجور مرتفعة للبقاء في فريقه والحقيقة أن أغلب هذه العروض فارغة المحتوى وحتى من ضمن لنفسه فرصة الاحتراف في الخارج كان مصيره المدارج وفي أحسن الاحوال تجده على البنك وآخر هؤلاء سهيل بن راضية الذي فسخ عقده مع النجم مؤخرا. قلة الانضباط وجه آخر من أوجه «العصيان» عند اللاعبين التونسيين يتمثل في قلة الانضباط، فعندما أراد بيت هامبرغ المدرب الجديد للنجم أن يطبّق ما ينص عليه الاحتراف وجد لاعبين يتظاهرون بالتمارض كشكل من أشكال رفض هذا النظام الجديد والمصيبة أن الرفض جاء من لاعبين دوليين في حجم عمار الجمل وأيمن البلبولي وفي اعتقادهما الساذج أن النجم لا يساوي شيئا من دونهما. هذه الظاهرة تجسّدت في شكل جديد من خلال ما قام به أمير العكروت وبلال العيفة ولحد علمنا أن العكروت قدم للافريقي من أجل تسجيل الاهداف وليس من أجل تقديم الدروس في المجال الذي يبدع فيه... نفس الامر ينسحب على وسام العابدي الذي أبعد من تشكيلة الترجي بسبب قلّة انضباطه خارج الملعب وليس لأسباب أخرى كما روّج لذلك البعض. سوء تصرف داخل الملعب تحدثنا عن سلوك اللاعبين خارج الملعب أما داخل المستطيل الاخضر فإن آخر ما يفكر فيه البعض هو لعب الكرة فهناك من يغطي ضعفه المتواصل وعجز فريقه باحتجاجات دائمة على الحكّام فتكثر البطاقات الصفراء والحمراء وتتم إثارة الجماهير بطريقة أخرى فلا يحاسب اللاعب، بل تحاسب الحكم وكأنه الوحيد المتسبب في الهزيمة وهذا دون أن ننسى العبارات البذيئة التي يطلقها بعض اللاعبين وتلتقطها الكاميرات في غفلة منهم ولا نجد تفسيرا واحدا لهذا الا محدودية المستوى الثقافي والفكري... كبرت رؤوس البعض صراحة بسبب الأموال والشهرة والمعروف ان كل شيء يحدث ضجّة يكون هو في النهاية فارغ المحتوى وهنا لا يمكننا ان نقارن بين تصريح هيثم المرابط الذي رفض الاعتذار للباشطبجي بعد تلك الحركة التي قام بها تجاهه وبين ما صرح به زيدان بعد «نطحه» لماتيرا تزي عندما قال: «أعتذر فقط للاطفال عما بدر مني»... ونترك لكم التعليق. الاجانب: مشاكل بالجملة حالة التسيب ازدادت مع توافد الاجانب، فهناك حوالي 50 لاعبا اجنبيا في بطولتنا يتمعشون دون تقديم الاضافة باستثناء البعض والأرقام والمعطيات تتحدث عن ذلك... قد وزّعت الى حد الان 10 بطاقات حمراء للاعبين الاجانب كان نصيب الاسد منها لدومينيك لاعب النادي الصفاقسي الذي حصل على 3 بطاقات حمراء وهو رقم أقل من عدد الاهداف التي سجّلها... أما مايكل اينرامو فهو المثال الذي يحتذى به في هذه الحالة بالمعنى السلبي طبعا فالرجل يتصرف على هواه ويجد نفسه قائدا للترجي رغم كل ما فعل وهذا ما دفع باخوته لتجربة التمرد هم أيضا ما دام الجو ملائما لذلك.. تجاوزات الاجانب تواصلت، فالنادي الصفاقسي ظل يطارد هامان يوسوفو طويلا حتى يعود اليه فيما أرهق سادات بوخاري مسؤولي النجم حتى التفريط فيه بالطريقة التي يعرفها الجميع واكتوى النجم بهذا التصرف مرّة أخرى مع طامبو فايو الذي فعل ما شاء وتمتع بالراحة كلما شعر بالمرض فيما أصابت عدوى التمارض ايريرك كاريكاري... أما ايريك نوال محترف مستقبل القصرين فقد وصل به الامر حد الاعتداء على زملائه وبعض مسؤولي الفريق. اللاعب الاجنبي الذي كان «وديعا» هو أوتوروغو لكنه في المقابل تمرّد بشكل بما أنه لم ينفع فريقه في شيء. وسط كل هذه الرداءة والضجة نفتقد الى أسماء كانت مسيرتها ناصعة في سماء الكرة التونسية وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر من من ينسى، محسن الجندوبي (ورقة صفراء واحدة طيلة مسيرته) وسامي الطرابلسي وتوفيق الهيشري وطارق ثابت ومن قبلهم مختار ذويب ومن الاجانب هنا ابراهيما كوني وصالوا طاجو وجون جاك تيزي وغيرهم... ولعل بعضا من هؤلاء هم الاقدر على تفسير سبب هذه الحالة المرضية. محسن الجندوبي: اللاعب أصبح يبحث عن النجومية بأسرع الطرق في اعتقادي هذه الظاهرة سببها أن اللاعب التونسي أصبح يبحث عن النجومية بأقصر الطرق، فمرة يتحدث عن عروض وهمية ومرّة يسعى الى لفت الانتباه بأية طريقة وكل هذا يعود الى عقلية اللاعب الذي فهم الاحتراف بطريقة مختلفة وهنا يأتي دور المسؤول الذي فقد دوره كمرب ومؤطر قبل كل شيء قبل أن يكون مسؤولا فاللاعب يجب أن يشعر أنه وسط عائلته، وإذا ما كان المحيط يعاني من بعض التوتر فهذا ينعكس على اللاعبين وخاصة الشبان فلا يحترمون أصحاب الخبرة ويتمردون على الجميع حتى المسؤولين والغاية كسب الشهرة والمال بكل الطرق. المختار ذويب: اللاعب يعاني نقصا في النضج بالنسبة لي فإن مختلف هذه السلوكات التي اكتسحت المشهد الكروي في تونس تعود الى قلة النضج التي يعاني منها اللاعب التونسي وهو ما جعله يفهم الاحتراف بطريقة خاطئة لذلك غابت أخلاقيات الكرة أمام سطوة المادة وتبدلت العقلية واتجهت نحو الاسوإ والتفكير الدائم في كسب المال على حساب الالتزام الاخلاقي واحترام الجمعية واحترام المنافس وكل هذا جعلنا نلاحظ التهجم على الحكم او حالة من الانفلات بين اللاعبين أنفسهم. جون جاك تيزيي: الاجانب لا يفهمون معنى الاحتراف... الملاحظة العامة التي يمكن ان نخرج بها في البطولة التونسية هذا الموسم أن أغلب المحترفين لم يقدموا الاضافة المطلوبة باستثناء مايكل الذي تميز كذلك باثارته لبعض المشاكل رغم ان الاجراءات الردعية ضده جعلته ينضبط في الآونة الاخيرة... اضافة الى ذلك فقد تميز بعض الاجانب بقلة الانضباط داخل الملعب او خارجه وهذا يعود في اعتقادي الى عدم إلمام هؤلاء بثقافة الاحتراف وما يتطلبه ذلك من احترام الاندية واحترام العقود بما أن اللاعب بمثابة الاجير كما أن الاطار العام قد يؤثر في مردود المحترفين لذلك فإن عملية الاحاطة تكون ضرورية في هذه المرحلة حتى تتوفر كل سبل النجاح.