كثيرا ما يقع حصر أعمال الملحنين التونسيين الذين أثروا الأغنية التونسية قبل عبد الرحمان العيادي ومحمد صالح الحركاتي وعبد الكريم صحابو وسمير العقربي ومحمد الماجري ويقع تجاهل الملحن عادل بندقة الذي تعامل مع عشرات الأصوات وقدم العديد من الأنماط الموسيقية وأثرى الساحة بمعزوفاته وأيضا بألحانه. عادل بندقة ليس مجرّد ملحن ولا تشكل ألحانه ضلعا من أضلع الأغنية التي يشترك فيها مع المطرب والشاعر انه صاحب مشروع وصاحب رؤية فنية تخونه الامكانات أحيانا ويصيبه الاحباط مراتلكنه مؤمن بأن الطريق التي اختارها هي الأسلم. ذو نفس طويل ورؤية ثاقبة.. جاد في عمله يبحث دائما عن الأفكار المبتكرة والتصورات الشبابية التي تراعي العصر مع التزامه بالثوابت الطربية. عادل بندقة خانه تواضعه وحياؤه فقد ساهم في ابراز عشرات الأصوات وكان حاضرا في كل المناسبات وحتى لما طرحت وزارة الثقافة مشروعها الخاص بمهرجان الأغنية وجعلت العمل الجماعي المبني على «ورشات» هو القاعدة كان عادل بندقة هناك وكانت تلك قناعته هو لا يؤمن بغير العمل المتكامل ولا يرى أي مشروع منعزل. التلحين عنده ليس فعلا فرديا منعزلا هو ممارسة جماعية تأخذ في اعتبارها ايقاع العصر وروحه وأيضا التراكمات الثقافية والمعرفية. عادل بندقة لا يؤمن بالبطولات ولا المعجزات ولا الخوارق. حاول أحيانا أن يصنع من بعض الأصوات ما يحلم به كل مطرب لكن يبدو ان «العربون» أقوى! وظل عادل بندقة يحاول حتى وجد في علياء بلعيد ضالته وما النجاح الساحق لهذه المطربة في قرطاج بالذات إلا شهادة على توجهات عادل بندقة السليمة فقد عرف كيف يتكامل بألحانه مع صوت حملها بامتياز. إذن هو نجاح أول مشروع جدّي وفعلي لهذا الملحن الذي صبر وصابر طيلة سنوات واليوم يجني ما حصده في انتظار تأكيد ذلك الرجل لا يؤمن «بالنفحة» ولا «بالنزوات» ايمانه شديد فقط باللّه وبعمله.. علياء نجحت وبألحان عادل بندقة الذي راهن على صوت نوّه بامكاناته كل العارفين ونجح عادل بندقة حيث فشل الآخرون الذين غابت عنهم المشاريع ولم يحالفهم التواصل. ويمكن القول ان عادل بندقة هو الوحيد من بين كل ملحني جيله الذي آمن بالمشاريع المتكاملة وبالتواصل والمثابرة في حين اكتفى الآخرون ببعض الأعمال المتناثرة التي لا شيء يربطها سوى الموسمية أو «النزوة» أو «النفحة» لذلك اعتقد انه لا يمكن الحديث عن ملحنين معاصرين دون أن يكون عادل بندقة على رأسهم.