انطلاقة سنة دراسية محمّلة بالرهانات: 6164 مؤسسة تستقبل اليوم أكثر من مليوني تلميذ    صفاقس: انطلاق توزيع المساعدات المدرسية لفائدة 4400 تلميذ    ارتفاع إنتاج الكهرباء في جويلية    تونس تروّج لوجهتها السياحية في الصين: حضور قوي في كبرى التظاهرات الدولية    القيروان .. تقديرات بإنتاج 52 ألف طن من زيت الزيتون    ابحار أسطول الصمود الإيطالي من صقلية في اتجاه القطاع    تسهيلات لتأشيرات المصريين    الرابطة المحترفة الأولى: برنامج جديد لمقابلات الجولة 6    استعدادا لمؤتمر موندياكولت 2025 ، يوم الاثنين في تونس أول ورشة عمل وطنية حول "مؤشرات الثقافة 2030 لليونسكو"    اختتام الأسبوع الأول من مهرجان سينما جات بطبرقة    سوق المحرس العتيق...نبض المدينة وروح التاريخ    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    لماذا يرتفع ضغط الدم صباحًا؟ إليك الأسباب والحلول    بطولة النخبة لكرة اليد: الترجي والنادي الإفريقي يتقاسمان الصدارة بعد الجولة الخامسة    احتجاجات مناهضة لإسرائيل تنهي سباق إسبانيا للدراجات مبكرا    الجولة الخامسة من الرابطة الأولى: جرجيس تواصل الصدارة والتعادل يحسم قمة رادس    عبد المجيد تبون يعين سيفي غريب وزيرا أول ويكلفه بتشكيل الحكومة الجزائرية الجديدة    المعرض التشكيلي "الأرض الرّوحية" لسامي بن عامر من 3 إلى 31 أكتوبر 2025 بقصر خير الدين    الجمعية التونسية لقرى الأطفال "آس أو آس " تنجح في أكبر تحد رفعته منذ 3 سنوات    بنزرت: حرفة صناعة الفخّار بسجنان تسري في عروق النساء وتصون ذكرى الأجداد    مدنين: غدا افتتاح السنة التكوينية الجديدة بمعهد التكوين في مهن السياحة بجربة ببعث اختصاص جديد في وكالات الاسفار وفضاء للمرطبات والخبازة    عاجل: تأجيل إضراب التاكسي    بداية من 17 سبتمبر: تيك توك قد يُمنع أمريكا    عاجل: ظهور سحابة ضخمة في السعودية بمساحة تفوق 4 دول عربية    مباراة ودية - تعادل قوافل قفصة مع هلال الرديف 2-2    اتحاد ين قردان يعزز صفوفه بالمهاجم الغيني أبوبكر سيديكي    ركلة جزاء متأخرة من صلاح تمنح ليفربول فوزا صعبا في بيرنلي    الكاف: تنظيم معرض الكتاب بالمركب الثقافي الصحبي المصراتي بمناسبة العودة المدرسية    عاجل: تفاصيل طقس العودة المدرسية    عجيل توجّه شاحنة وقود إلى ميناء بنزرت لتزويد سفن "أسطول الصمود"    ينطلق غدا: تونس ضيفة شرف الدورة الثانية لمهرجان بغداد السينمائي الدولي    عمليات زرع أعضاء ناجحة تنقذ 4 مرضى..وهذه التفاصيل..    إنتاج الكهرباء في تونس يرتفع 4% بفضل واردات الجزائر    ارتفاع طفيف في الحرارة يوم الأحد والبحر قليل الاضطراب    سبتمبر مختلف: خريف مبكر يطرق أبواب هذه المناطق    تسهيلات جديدة للمصريين للحصول على تأشيرة دخول تونس    بنزرت: خروح 3 سفن فقط في اتجاه شواطىء غزة    التصريحات إثر دربي الساحل (فيديو)    نحو دعوة الكنزاري للمثول امام مكتب الرابطة    22 سبتمبر الجاري: "يوم فرص الأعمال مع تونس" ببوخارست    الطلب على الطاقة يرتفع ب10% مع موفى جويلية 2025    زغوان: تنفيذ 1724 عملية تلقيح للقطط والكلاب ضد داء الكلب من جملة 14 ألف عملية مبرمجة    منظمة شنغهاي للتعاون تدين الغارات الجوية الإسرائيلية على قطر    "مواسم الريح" للأمين السعيدي رواية الإعترافات والبحث في أعماق الذات البشرية    مصر.. رجل اعمال فرنسي يسرق كمية من الذهب من مصنع مجوهرات    حادث مرور قاتل بهذه المنطقة..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    محمد الجبالي يوضح: لم أتهم فضل شاكر بالسرقة والتشابه موجود    عند سوء الاستخدام.. بعض الأدوية قد تصبح قاتلة...شنيا هي؟    كيفاش البصل يحميك من الأمراض والبرد؟    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    الشركة التونسية للملاحة: إلغاء سفرة تونس – مرسيليا المبرمجة اليوم على متن السفينة قرطاج..    وزارة الصحة تطلق خطة وطنية للتكفل بمرضى الجلطة الدماغية    السبت: حالة الطقس ودرجات الحرارة    الديوانة: حجز بضائع مهرّبة تفوق قيمتها 19 مليون دينار خلال الأسابيع الفارطة    وزارة الصحة تحذر    خطبة الجمعة .. مكانة العلم في الإسلام    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    أبراج 12 سبتمبر: يوم يحمل فرصًا جديدة لكل برج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسطرلاب : فقهاء ساعة الظلام
نشر في الشروق يوم 29 - 03 - 2010

يوم السبت الماضي وبعد مائة يوم من فشل مفاوضات قمّة كوبنهاغن حول المناخ, اختار العالم... «العالم المتحضر» إطفاء النّور الكهربائي لمدّة ساعة كاملة ... المقترح كان نابعا من العاصمة الأسترالية سيدني بمبادرة تحت إسم «ستون دقيقة من أجل الكوكب», قام بها منذ أربع سنوات الصندوق العالمي للطبيعة World Wide Fund for Nature كرسالة للعالم كله, للعالم قاطبة لإطفاء الأنوار في العواصم العالمية الكبرى, كإشارة إنسانية لتحسيس سكان هذه «البرتقالة الزرقاء» بآلامها من الاحتباس الحراري المنذر بكوارثه البيئية و دمار الحياة ... ساعة من الانقطاع عن استهلاك الطاقة لتحسيس البشرية بالخطر القريب و بالقيامة المرتقبة لما يعيشه مناخ الكرة الأرضية من خراب ... ساعة للتفكير في مستقبل هذه الكرة الأرضية .
القنوات التلفزيونية نقلت الخبر, وشاهدنا لعبة إطفاء الأنوار في العواصم العالمية الكبرى, وتحديدا في إضاءة المعالم الشّهيرة, كبرج إيفل, أوبيرا سيدني, وبرج دبي, وبوابة دلهي بالهند, ومعبد الأكروبول بأثينا, وبرج طوكيو باليابان, الأنفيتيياتر بروما, والأهرام في الجيزة ومكتبة الإسكندرية, و القصر الإمبراطوري في الصّين, وساعة بيغ بان في لندن, وغيرها من المعالم في عواصم العالم... كان مشهد إطفاء الأنوار عبارة عن لعبة أضواء شاهدها الناس ربما بمتعة سياحية لا تخلو من نفاق و سخرية وفضول... وفي ذلك كله أطفئت أنوار ناطحة السحاب المعروفة ب Empire State Building في نيويورك شاهده الأمريكان دون هلع أو فزع, بالرّغم من أن الإدارة الأمريكية غير معنية أصلا بهذا الموضوع. موضوع البيئة و المناخ, وهي كما هو معروف لم توقع على اتفاقية كويوتو حول الحفاظ على البيئة والحدّ من الاحتباس الحراري , لكن « مفكروها» في هوليود منهمكون في كتابة سيناريوهات لأفلام كوارثية , لعلّ آخرها الشّريط الذي يتناول يوم القيامة عام 2012.
هذه الحركة الطقوسية الرّمزية التي قامت بها عواصم العالم في الانقطاع ستين دقيقة على استهلاك الطاقة, قد يعد حركة نبيلة للتعاطف الإستيهامي بمستقبل الإنسانية على هذا الكوكب, لكنه بنفس الدرجة الرّمزية تظل حركة فلكلورية سطحية فيها الكثير من الرّياء و النفاق... ذلك أن هذه الساعة من الظلام التي لفت عواصم العالم, ما كانت لتكون ساعة ليقظة الضمير الإنساني, حول الظلام الدامس الحقيقي الذي تعيشه شعوب العالم المغلوبة على أمرها في هذا الزمن العولمي الباذخ والتكنولوجي الشرس, سواء كان هذا الظلام ظلام الحرمان من المعرفة و الكرامة الإنسانية والغذاء والصحة... دون أن ننسى ظلام الحروب و الغزو, فثمة مدن محتفلة بالبيئة منذ سنوات محرومة من النور الكهربائي, مدن في العراق, وبيروت وقرى الجنوب في لبنان و مدينة غزة التي تمثل أكبر نسبة من الكثافة السكانية في كلم المربع الواحد في العالم, دون الحديث عن الظلام الدامس في أفغانستان .
فقهاء ساعة الظلام هؤلاء الذين أقنعوا العواصم العالمية بالانقطاع عن استهلاك الطاقة في المعالم السياحية , هل لديهم القدرة على إقناع حكومات هذه العواصم الكبرى, بأن تتوقف مصانعهم الثقيلة عن العمل ساعة واحدة؟ هل بإمكان ساعة واحدة من الانقطاع عن استهلاك الطاقة سياحيا أن يشكل رسالة تحسيس لهؤلاء الذين أمعنوا في استعباد البشرية؟
إن هذه المبادرة ليست إلا شكلا من أشكال حيلة الهيمنة في أكثر ظواهر الحداثة , إنها كما يقول أدرنوAdorno استنساخ لطقسية ذبح الضحية أو التخفيف من شعور الذابحين بالذنب... إنها استنساخ للنفاق في أجمل صوره الإنسانوية والكونية .
في اللاّوعي الباطني لهذه الحركة الطقوسية, تأتي ساعة إطفاء الأنوار في المساء و يوم السّبت . هل هو فائض منفلت من الإقتصاد للسّياسي الدلالة ... لعلها ساعة لكي لا ترى الحقيقة...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.