ما يزال العرض الهام للارتباط بالانترنيت بتدفق قدره 20 ميغا يثير الكثير من التساؤلات في تونس حول «جدية» العرض وحقيقة من سيستفيد منه من المؤسسات التونسية. وكانت مؤسسة توب نات، أحد أهم موزعي الانترنيت في تونس قد بادرت بإطلاق هذا العرض في تونس منذ 22 مارس ضمن حملة إعلانية ضخمة لترويج «آ دي آس آل كوربوريت» في تونس والذي يقوم على طاقة تدفق استثنائية في تونس ذات 20 ميغا مع عقد سلامة وتدخل يتضمن عدة ميزات فنية. ويقوم هذا العقد على إمكانية الارتباط خلال 24 ساعة والتدخل التقني للصيانة خلال 8 ساعات كامل أيام الأسبوع في ظل شراكة بين موزع الخدمة واتصالات تونس. أما أهم ما في هذا العقد هي قوة التدفق التي ترفع الارتباط بالانترنيت في تونس إلى مستوى جديد من الخدمات يجعلها تقترب مما هو موجود في الدول المتقدمة حيث تم ترويج مثل هذا التدفق أي 20 ميغا منذ أكثر من 5 سنوات للعموم. ومن المعروف أن انتشار الانترنيت ذات التدفق العالي مكن العديد من المؤسسات من «الهجرة الرقمية» نحو شبكات الاتصال المندمجة، إلى حد تعويض الهاتف والفاكس بنظم الاتصال عبر شبكة الانترنيت، أي تقريبا التخلص من جزء هام من فواتير الهاتف المهنية. شروط أما العرض التونسي الجديد فهو في الواقع ما يزال يقتصر على المؤسسات وليس الأفراد الذي سوف يطول انتظارهم له، كما أن ثمنه ليس هينا وهو يبلغ 160 دينارا شهريا مناصفة بين موزع الخدمة واتصالات تونس دون اعتبار الضرائب. كما أن المؤسسات نفسها التي يتوجه لها هذا العرض والتي رغبت في الاستفادة منه وجدت نفسها تواجه شروطا مفاجئة حيث يجب أن تكون خطوطها الهاتفية صالحة لتدفق 8 ميغا فما أكثر، أي أن تكون مكاتبها في أماكن شملتها الموزعات القوية الجديدة وهي للأسف ما تزال قليلة، حتى أن بعض الأحياء والمدن ما تزال محرومة من تدفق 8 ميغا أصلا. ولئن اختارت اتصالات تونس الصمت عن هذا الموضوع مكتفية بترك الحرفاء يتصلون بها لمعرفة إن كان بإمكانهم الاستفادة من هذه الخدمة أم لا، فإن موزع الانترنيت كان أكثر وضوحا وأرفق هذا العرض بملاحظة جاء فيها: «إن الارتباط الذي توفره هذه الخدمة يمكن أن يبلغ 20 ميغا، إن تحقيق هذه الطاقة القصوى رهين طاقة خطكم الهاتفي». ويحيلنا ذلك على التشكي الأكثر انتشارا في خدمات الانترنيت في تونس وهو اضطراب قوة التدفق أو توقفها المستمر. وفي كثير من الحالات ينتهي موزع الانترنيت إلى تحميل اتصالات تونس مسؤولية ذلك أو الحديث عن «ضغط كبير على الشبكة». أما اتصالات تونس فتعتبر أن الحريف في علاقة مباشرة مع موزع الانترنيت الذي باع له العقد وأن استفساراته وشكاويه تمر حتما عبره. ويقول مهندس إعلامية متخصص في صيانة الشبكات للشروق إن العرض الجديد فيه ميزة خاصة وهي الشراكة بين موزع الانترنيت واتصالات تونس التي أصبحت ملزمة وفق هذا العقد بالتدخل خلال 8 ساعات كامل أيام الأسبوع وهي محاولة لمواجهة التشكيات المستمرة من تواتر الأعطاب. لكن المهم هو توفير هذه الخدمة في كل الأماكن وللجميع، كما أن المشكل المطروح مع اتصالات تونس هو عدم تطابق التدفق الموعود مع موزع الانترنيت مع التدفق الذي يحصل عليه الحريف، وهو ما يعترف به جميع الأطراف. فمن المعروف أنه كلما كان محل الحريف أبعد عن مركز التوزيع لتدفق الانترنيت كلما ضعفت الإشارة واضطربت قوتها، وهو ما يتطلب المزيد من التجهيزات الحديثة والمكلفة. ويضيف هذا المهندس أنه من الضروري أن تفكر اتصالات تونس في الرفع من طاقة التدفق العام للشبكة والتي ما تزال في حدود 10 جيغا حتى تستجيب للطلب الكبير على التدفق العالي في تونس. أما الحل الأمثل الذي تطرحه اتصالات تونس لمن يرغب في ارتباط جيد وغير مرهون بالضغط على الشبكة فعليه بالاستفادة من الانترنيت عبر شبكة الألياف البصرية التي يمكن أن يصل التدفق فيها إلى 100 ميغا في الثانية، لكن الذين يتحدثون عن مثل هذا العرض، ينسون كلفته الخرافية واقتصار توفره على بعض الأماكن، ذلك أن شبكة الألياف البصرية ما تزال تعد جنينية في تونس.