تواصل حكومة تل أبيب لعبة شدّ الحبل التي تمارسها مع السلطة الفلسطينية.. وفي كل مرة يتكرر نفس السيناريو، بنفس المشاهد والتفاصيل تقريبا.. اسرائيل تعلن بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية في القدس المحتلّة وفي الضفة الغربية.. فيغضب الفلسطينيون ويرفضون العودة إلى المفاوضات.. فتتدخل الادارة الأمريكية للضغط على الطرف الضعيف.. ويدخل العرب على الخط ليمنحوا سلطة عباس «تفويضا» للانخراط في مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل.. وحين يلين الموقف الفلسطيني وتتجه السلطة إلى القبول بمعاودة المفاوضات تعلن حكومة نتنياهو بناء مئات أو آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في القدس أو في الضفة المحتلتين.. نفس هذا السيناريو تكرر يوم أمس.. فلم تكد دول المبادرة العربية تمنح السلطة الفلسطينية الضوء الأخضر لمفاوضة اسرائيل بصفة غير مباشرة في اطار المبادرة الأمريكية حتى أعلنت اسرائيل بناء المزيد من المستوطنات في القدسالمحتلة.. والأكيد أن نفس السيناريو سيتكرر.. تمنع فلسطيني.. فضغوط أمريكية.. فضوء أخضر عربي، كما لو أن العرب يملكون فعلا أن يمنعوا سلطة عباس من التفاوض.. فعودة للمفاوضات، فإعلان اسرائيلي جديد عن بناء وحدات استيطانية جديدة.. يتم بواسطتها تهويد أراضي فلسطينية جديدة.. وسوف يتواصل تكرار نفس السيناريو بتفاصيله إلى أن تستكمل حكومة تل أبيب تنفيذ أجندة «السلام الأعرج» التي تنفذها على مراحل.. وذلك في إطار خطتها المعلنة والتي تقضي بأن تحتفظ هي بالأرض مقابل أن تعطي العرب السلام.. وذلك في انقلاب معلن على أحد المبادئ التي انطلقت على أساسها العملية التفاوضية برمتها والمتمثل في «الأرض مقابل السلام».. متى تكتشف القيادة الفلسطينية ومن ورائها الأطراف العربية الداعمة خيوط هذه اللعبة الاسرائيلية القذرة؟ ومتى يدركون أن هذه المناورات الاسرائيلية المدعومة أمر يكيا ماهي إلا ألاعيب وخدع تحصل من ورائها تل أبيب على الوقت الكافي لفرض تصورها للحلّ على الأرض وبالاعتماد على غطرسة القوة؟ ومتى يقرر العرب الخروج من هذه المتاهة التي لا تفضي كل مرة إلا إلى حصد المزيد من الأوهام.. وإلى اللهث وراء مزيد من السراب؟