يقول أحد الفلاسفة العرب «إن أشد الناس حماقة أقواهم اعتقادا في فضل نفسه».. وتلك على ما يبدو مشكلة شيخ الطريقة «الملاكمتية» وأحد رموز «عيساوية البلوط» في الديار التونسية الذي صبغ على نفسه من القدرات ما لا يملكها حدّ التوهّم بأحقيته بتولّي قيادة شعب بأسره!! إنه الثرثار توفيق بن بريك الذي يبدو انه سحرته شخصية «دونكيشوت» فامتطى صهوته وأخذته العزّة بالنفس حدّ ارتكاب الإثم في حق نفسه قبل أن يكون في حقّ الوطن الذي ينتمي إليه. كثيرة هي الألقاب التي أطلقت على هذا البهلوان في عالم السياسة، ولم يكلّف من أطلقوها عليه في داخل تونس وخارجها أنفسهم عناء طرح سؤال وحيد يكشف زيف تلك الألقاب وتهافتها. فكيف يكون إعلاميا وشاعرا بل ومفكّرا سياسيا، من سقط في اختبار لغة الحوار وتفنّن في الاعتداء الصارخ على كل القيم والأخلاقيات وتجاوز لديه منطق الملاكم و«الباندي» منطق الابداع والسلوك الحضاري؟ عناصر الإجابة تؤكد أن بن بريك ينتمي الى ما يمكن ان نطلق عليه «ميليشيات القلم المستعار» تلك الميليشيات التي تستميت في تزييف الواقع واختلاق الوقائع، قلم يستمدّ حبره من عقلية مريضة لا همّ لها سوى ضرب المعايير الوطنية تحقيقا لمكاسبها الذاتية حتى لو أدى الأمر الى إغراق السفينة الجامعة او إحراقها. الأغرب من كل هذا، الاستماتة في نشر جراثيم وفيروسات في مجتمع يملك من الحصانة العقلية والفكرية والسياسية ما يمكّنه من التمييز بين مقاربات مصابة بداء نقص المناعة وأخرى أثبتت نجاعتها في تطوير واقع التونسيين والارتقاء به الى مراتب أعلى. لكل هذا نُجزم أن حروب بن بريك الوهمية والدونكيشوتية لا تستمدّ ذرائعها إلا من خياله المعتلّ وعُصابه المزمن الذي لا يحتاج الى مناقشة فكرية هادئة قدر حاجته الى خبير نفسي حتى نتمكن من الوقوف عند ما يعتريه من نوبات سريالية وصلت حدّ اعتقاده الراسخ بأن شعبا بمثل وعي الشعب التونسي وثقافته يمكن أن يقبل بما يطرحه هذا الثرثار من هلوسات ويتبنى ما ينثره من شطحات. إننا بحق أمام ظاهرة «افتراضية» بكل الأبعاد والمقاييس، وأمام كائن لا يجيد من اللغة إلا أردأ ما فيها من مفردات وصياغات ولا يملك من «الأفكار» إلا ما يعتدي به على منظومة القيم التي يدّعي الدفاع عنها، ذلك الاعتداء الذي وجد ترجمته المادية في عنفه المسلّط على امرأة لا ذنب لها سوى أنها كانت امرأة.. أو ليس في هذا تمييز على أساس النوع وتعدّ صارخ على حقوق الإنسان التي يلبس زيفا جبّتها؟!؟ إن ما يثير دهشتنا هو هذا الإصرار الدراماتيكي من بن بريك على اقناعنا، والتونسيين جميعا، بأن ما يطرحه من سراب هو الماء الزلال بعينه، وأن التصحّر الذي يبشّر به هو العنوان الأصيل لخضرة تونس !؟! هكذا هو بن بريك تنعشه مكاسبه الذاتية على هزالها والتي بات مكشوفا لكل التونسيين سعيه لتحقيقها على حساب خسارة وطنية شاملة، ويريدنا بهذه المناسبة ان نشاركه الرقص على نغماته النشاز. نعم، لقد فضّل بن بريك، وهو يلعب دور الكومبارس في مسرحية من تأليف أولياء نعمته من الناطقين بغير العربية، أن يكسب غنيمة رخيصة ونسي أن ما زُيّن له على أنه «انتصار» ليس سوى عار يعسر محوه مهما استخدم من مساحيق مستوردة لتجميله، عار توّج رأسه منذ أن قبل بأن يكون صوت الحالمين باستعادة مجد استعماري غربت شمسه وغاضهم أن تتحرّر تونس من قبضته وسطوته السياسية والاقتصادية والثقافية واللغوية. وإذا كان لنا أن نمنح هذا القلم الراقص على الأنغام الفرنسية الاستعمارية الجديدة براءة اختراع فهي تبنّيه اللامشروط وتجسيمه المتقن لمقولة معلّمه التي سقطت أسواره سقوطا مدويا فلاديمير لينين «تصبح الكذبة حقيقة إذا ما تم تكرارها بما يكفي»، تلك الكذبة التي يرددها صباح مساء ولكنه نسي أنه يخاطب شعبا يعي جيّدا انه عندما يكون الشيء مضحكا، كما هو الحال مع بن بريك، يجب البحث عن الحقيقة الكامنة وراءه وفي قضية الحال فإن الحقيقة التي لا نحتاج الى عناء كبير للعثور عليها هي ان اللغو والإسفاف والضحالة أمر سهل أما بناء الأوطان فتلك مهمة عسيرة لا يقدر على تحمّلها إلا كبار النفوس والعقلاء الحكماء والوطنيين الذين هم على قناعة بأن ما تشهده تونس من تغيير في شتى المجالات وما ينعم به التونسيون من رفاه، كالزيت يستحيل دفنه في الماء. ألم يقل أرسطو فيلسوف اليونان ان «شرّ الناس هو ذلك الذي بفسقه يضرّ نفسه والناس».. حكمة ندعو بن بريك أن يتأملها علّه يخلّص نفسه من وهم جنون العظمة وأن لا يقتصر فهمه على ما يتخيّل وأن يملك القدرة على مقاومة هوى نفسه المريضة وإدراك انه لا يخدع الناس بل يخدع نفسه أولا وأخيرا..!