أعلن مستشار الرئيس الأمريكي ان موضوع القدسالمحتلة سوف يرحّل الى المرحلة الأخيرة من المفاوضات وبعبارة أدق فإن هذا الملف لن يطرح في المفاوضات غير المباشرة التي تكون بهذا التصريح الأمريكي قد تلقت رصاصة الرحمة قبل ان تبدأ.. ذلك أن هذا التصريح الذي يمس قضية جوهرية في الصراع وهي قضية القدسالمحتلة يأتي في اطار خطة اسرائيلية تدعمها أمريكا لاستكمال تهويد القدس وفرض أمر واقع بالاعتماد على الأمر الواقع وعلى غطرسة القوة وهي خطة لا تحتاج الا الى المزيد من الوقت في ظل الوتائر المحمومة لبناء المستوطنات في القدسالمحتلة، وهو ما توفره الادارة الأمريكية لاسرائيل من خلال ضغطها لترحيل ملف القدس الى المفاوضات النهائية .. وهي مفاوضات قد لا تأتي أبدا في ظل السياسات الإسرائيلية الرامية الى افراغها من أية مضامين .. ليس هذا فقط، بل ان هذه المفاوضات غير المباشرة التي تبدو بطبعها مفاوضات عرجاء وتحمل في طياتها بذور فشلها ستجيرها اسرائيل لتمرير طلباتها الأمنية من الجانب الفلسطيني فحسب .. وذلك من خلال اقصاء كل قضايا الوضع النهائي مثل الحدود واللاجئين والمياه (الى جانب القدس) وهو ما يعد التفافا على المطالب والحقوق الفلسطينية.. وعودة ملتوية الى مربع - خارطة الطريق - التي تربط اي تقدم نحو دراسة قضايا الوضع النهائي لحسم ملف الطلبات الأمنية لإسرائيل .. و هي طلبات لن تتوقف حتى تطال عقل ووجدان كل فلسطيني بما يجعل السلطة الفلسطينية أمام متاهة يستحيل الخروج منها وبالتالي الولوج الى مفاوضات الوضع النهائي .. لأن اسرائيل لن تعدم الحيلة ولا الوسيلة لتعطيل قطار التفاوض في محطة المفاوضات غير المباشرة وعند نقطة طلباتها الأمنية تحديدا .. هل تعي ادارة اوباما خفايا وتفاصيل هذا التكتيك الاسرائيلي؟ بكل تأكيد وهي في كل مرة تتظاهر بوجود ازمة مع حكومة نتنياهو لكنها سرعان ما تخلص منها للضغط على الطرفين الفلسطيني والعربي وجرهما الى مربع الطلبات الاسرائيلية .. هل يعي الطرف الفلسطيني ومن ورائه العربي خفايا تفاصيل هذا الوضع بدورهما؟ بكل تأكيد أيضا .. لأن من وضع كل بيضه في سلة سلام وهمي وسلم كل أوراق القضية الى الادارة الأمريكية يكون قد أحرق كل مراكبه .. ولا نجاة في بحر دولي متلاطم الأمواج لمن أحرق مراكبه و ترك مصيره لمشيئة الآخرين .. منتظرا هدية أو حسنة في عالم لم يعد فيه مكان للهدايا او للحسنات.