ما حصل للملعب التونسي في نهاية هذا الموسم، سيناريو لم يتوقعه أكبر المتشائمين، لأن معطيات بداية الموسم كانت توحي بأن الفريق على مشارف تحقيق نتائج غابت عن سجل «البقلاوة» لفترة ليست بالقصيرة خاصة وأن الأجواء التي عاشها الفريق كانت تؤدي منطقيا الى النجاح في ما خطط له الجميع بتوفر إطار فني كفء (ونصرّ على ذلك رغم كل ما حصل) وإدارة حاولت توفير كل شيء ومجموعة متكاملة رغم غياب النجوم. الأرقام تبقى شاهدة على ما يمكن وصفه بالانهيار، ففي نهاية مرحلة الذهاب تمكن الفريق من جمع 27 نقطة واحتل المرتبة الثالثة من 13 مباراة، تعرّض خلالها الى هزيمتين وحقق 8 انتصارات و3 تعادلات وهي نتيجة لم يحققها الفريق منذ عشرين سنة. تراجع رهيب بداية مرحلة الإياب كانت بهزيمة أمام النجم الساحلي في تونس ولكن رغم ذلك حصل الفريق على علامة حسن جدا لأنها وصفت بأبرز مباراة خاضها الفريق، ثم جاءت هزيمة الترجي لتبعد الفريق عن طموح البطولة، أردفها بعد ذلك أبناء لويغ بتعادل في طعم الخسارة أمام شبيبة القيروان، لتقضي تلك المباراة على أول أهداف الفريق وهو البطولة. بالمحصّلة كانت النتائج في مرحلة الإياب الى حدّ الآن سلبية فالفريق لم يوفق سوى في جمع 12 نقطة فقط ليصل الى حاجز 39 نقطة بواقع انتصارين و6 تعادلات وأربع هزائم، ليعجز الفريق حتى عن جمع نصف نقاط مرحلة الذهاب. الأولمبي الباجي يطيح بالهدف الثاني بعد أن تلاشى حلم الفريق في المنافسة على لقب البطولة الوطنية، بقي الكأس مطمح الجميع وانصبّت الاهتمامات نحو ضرورة إعادة هذا اللقب الى خزينة النادي خاصة مع البداية الموفقة في السباق والتقدم شيئا فشيئا نحو النهائي لكن الأولمبي الباجي وقف حجر عثرة في طريق أبناء الملعب التونسي ومنعهم من لقب كان قريب المنال لتكون الصدمة في حجم الآمال المعلقة على الكأس ومثلت هذه الهزّة نقطة تحوّل في مسيرة النادي هذا الموسم وكان وقعها كبيرا فخلقت مشاكل عديدة بداية من غضب الجماهير على اللاعبين والمدرب وتصدّع العلاقة بين لويغ وبعض المسؤولين داخل النادي وازدادت الأمور تعقيدا عندما تراجعت نتائج الفريق على مستوى البطولة ومني بهزيمتين ضد أمل حمام سوسة ونادي حمام الأنف فقد على إثرها آخر آمال المنافسة على مركز ثالث كان كفيلا من تخفيف وطأة «الاحتقان» والتقليل من سقف الضغوطات المسلطة على الادارة. محدودية الزاد البشري من العوامل المهمة التي ساهمت في تردي النتائج هي محدودية الزاد البشري خاصة على مستوى المهاجمين فبعد خروج جميل خمير افتقد الفريق الى مهاجم قادر على ترجمة كمّ الفرص الهائل الذي يصنعه اللاعبون كل مباراة ورغم حجم اللعب المقدم إلا أن عدم القدرة على التهديف ساهم في خسارة الفريق لعدد ثمين من النقاط لأن طريقة الملعب التونسي في اللعب تعتمد طريقة دفاعية قد يكفي معها هدف واحد لصناعة الفوز ونفس الهدف قد يساهم في خسارة الفريق الذي نادرا ما يعود في النتيجة. نعود الى محدودية الرصيد البشري لنقول إن فشل فخر الدين قلبي وسلامة القصداوي في تقديم الاضافة على مستوى الهجوم وضع الفريق في مأزق في أكثر من مناسبة فعندما يفكر المدرب في التغيير لا يجد الحلول البديلة وهنا لا يجب على البعض أن يقسو على لويغ كثيرا فهوي تصرف في حدود الموجود. فريق في طور النمو رغم أننا لا نحبّذ على فريق شاب أو ما شابه هذه النعوت التي يعتبرها البعض شماعات لتبرير الفشل، يجب علينا أن نفصح أن المجموعة الحالية مازالت في طور النمو ويلزمها الكثير من الوقت حتى تنضج فالفريق تغيّر مقارنة بالموسم الماضي بنسبة تسعين بالمائة أو أكثر كما أن بعض العناصر الشابة التي تمثل ركائز الفريق حديثة العهد باللعب في بطولتنا أمثال مروان تاج وفهد شقرة وبلال الرياحي وقد لمسنا هذا النقص من خلال بعض المواقف في التعامل مع بعض المباريات التي كانت تستوجب بعضا من «الخبث الكروي» لحسم النتيجة مثل مباراة الأولمبي الباجي أو النادي الافريقي في الإياب أو مباراة الذهاب ضد النادي الصفاقسي التي خسرها الفريق في الوقت القاتل وبطريقة دراماتيكية. الجمهور والتأثير السلبي جمهور الملعب التونسي ظلّ ينتظر هذا الموسم أن يحصد لقب ينهي به سنوات الجدب ويعيد له الأفراح خاصة وقد وقف على قناعة أن فريقه يتوفر على تلك الامكانات وقادر على ذلك وبالتالي فهو أمام فرصة تاريخية لتحقيق ما يشبه الانجاز.. كل ذلك جعل من الغضب يكون كبيرا عند نهاية الموسم «الأبيض» ولم يمهل الفريق فرصة للتدارك لغضب الجماهير جام غضبها على اللاعبين مما تسبب في توتر العلاقة بين الطرفين ودخولها منعرج خطير في بعض الأحيان في الوقت الذي كان هناك بعض اللاعبين يربطون علاقة وطيدة بالجماهير لحماية مصالحهم الشخصية فكان أن حمى نفسه وعرّض زملاءه للانتقادات التي طالت كذلك شخص المدرب لويغ كل ذلك أفقد المجموعة تركيزها وساهم في توتر الأجواء في بعض الأحيان ولكن الوقوف الحازم لمحمد الدرويش ضمن وضع النقاط على الحروف وبدأ الفريق يخرج من هذا المأزق. العبرة في ما سيأتي بالنسبة لهذا الموسم حصّل ما في الصدور وحصل ما كان أو ما لم يكن في الحسبان والمهم أن لا يخسر الفريق أكثر مما حصل في الوقت الراهن لأن المهم الحفاظ على هذه المجموعة والبناء من أجل التدارك في قادم المواسم والبداية تكون بمواصلة محمد الدرويش رئاسة الفريق ومواصلة لويغ التدريب.