كيف سيكون «المشهد» داخل المؤتمر القادم لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين الذي تقرر عقده أيام 6 و7 و8 أوت القادم بنفس المكان الذي انعقد فيه مؤتمر مارس 2001 وهو المؤتمر الذي عرف انشقاق مجموعة «الطيب المحسني» وشهد عودة محمد علي خلف الله في منصب نائب الأمين العام وهو المنصب الذي تم احداثه من أجل تلك العودة. لكن الاجابة عن هذا السؤال لا يمكن ان تكون بمعزل عن الكثير من المعطيات والظروف والحسابات التي تحكم الآن واقع الحركة على مستوى هياكلها المركزية وعلى مستوى الجامعات والفروع. وهي حسابات يبدو أنها ستكون أكثر وضوحا خلال المدة القادمة حيث انطلق العد التنازلي للمؤتمر الذي طال انتظاره وشكل موضوع «جدل» منذ بعث لجنة المصالحة وقبل حلها بقرار من الأمين العام اسماعيل بولحية لتنطلق مبادرة «لمّ الشّمل» في شكل جديد وبوقائع جديدة. ترتيبات ورغم أن البعض داخل الحركة الآن يؤكد ان القاطرة قد وضعت على الطريق وأن الخطوات جرى ترتيبها الا أنه من الواضح أن الكثير من الترتيبات التي تبدو واضحة الآن وتكون أحيان معلنة لن تكون نهائية وستخضع لتوضيب جديد يتماشى مع تقلبات الظروف ومع الوقائق المتحركة في الكثير من الجهات حيث لن يكون من اليسير السيطرة عليها أو توجيهها وفقا لترتيبات القيادة المركزية... ومن الضروري الآن على كل متتبع لشأن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ان يدرك عددا من العناصر ستكون مؤثرة على مشهد المؤتمر القادم. وأهم تلك العناصر أن موازين القوى الآن تبدو لصالح الأمين العام اسماعيل بولحية رغم أن عدد النواب النهائي للمؤتمر لن يضبط الا بعد اتمام عملية الهيكلة وهي هيكلة خاضعة للكثير من الظروف والوقائع والحسابات. ولا تستبعد مصادرنا ان يتراوح عدد نواب المؤتمر القادم بين 200 و300 نائب في حين بلغ عدد نوابا مؤتمر مارس 2001 267 نائبا حسب القائمات الرسمية للنواب وشارك في المؤتمر حوالي 250 نائب ينتمون الى المجموعتين أي مجموعة بولحية ومجموعة الطيب المحسني ويدرك الكثيرون الحقيقة التي ميزت ذلك المؤتمر وهي تضخيم عدد المنخرطين والنواب من الجانبين لحسابات انتخابية مما جعل مؤتمر 2001 يشهد مشاركة نواب انخرطوا في الحركة بمناسبة المؤتمر بعد ان تم تجاوز قوانين الحركة ونظامها الداخلي وهو تجاوز يبدو انه عاد بالوبال على الحركة وكانت سلبياته اكثر من منافعه الانتخابية. وليس من المستبعد أن تحصل مجموعة الطيب المحسني على 30 من نيابات المؤتمر وهي نسبة محترمة لن تكون مؤثرة خارج دائرة الوفاق المنشود خاصة وانه لم يعد خافيا الآن غضب محمدعلي خلف الله نائب الامين العام من الترضيات التي تمنح لمجموعة المحسني وهي ترضيات يرى خلف الله أنها لا تعبر عن حقيقة حجم مجموعة المحسني. مناورة كل هذه العناصر ينضاف اليها عودة مجموعة من وجوه الحركة في بعض الجهات ومنها خاصة مدنينوبنزرت وتوزر جعلت البعض يؤكد ان بولحية نجح في المناورة ووضع في نفس السلة رفاق اليوم وأعداء الأمس، لكن تلك المناورة وذلك النجاح يبقى خاضعا أيضا لحسابات أخرى. حسابات المؤتمر ستجعل كل المجموعات تدفع ثمن الوفاق في الوقت الذي لن تبوح التشكيلة القيادية الجديدة للحركة بسرها الآن حيث يتواصل تجميع الاسماء التي ستكون بالضرورة خاضعة لحقيقة التوازنات داخل الحركة وهي توازنات لن تكون مريحة بكل المقاييس لكنها قد تضمن استمرار الوفاق الذي لا يجب ان يكون وفاقا هشا. صعوبات لكن تلك التوازنات التي ستؤدي الى الوفاق لن تحجب الصعوبات التي تعرفها الهيكلة في أكثر من جهة وهي صعوبات جعلت بعض الوجوه داخل الحركة خارج دائرة التأثير وقد تجعلها خارج دائرة الضوء ايضا وتقلص حظوظها في الدفاع عن مواقعها ومن هذه الجهات بنزرتومدنين وهي جهات النفوذ فيها الآن للوجوه العائدة في اطار مبادرة لمّ الشمل.وهذه الصعوبات ليست خافية الآن على قيادة الحركة التي تؤكد ان المؤتمر سيعقد بمن حضر ومهما كانت الصعوبات وهي اشارة لمن يفرض شروطا للعودة... لكن عقد المؤتمر بمن حضر قد لا يكون في صالح الحركة التي تسعى لاسترجاع حضورها في الساحة السياسية وجمع شتاتها وشملها ورصّ صفوفها... حسابات المؤتمر ستبقى خاضعة للمراجعة كما أن ترتيباته لن تكون نهائية في انتظار معرفة كل الاسرار وكشف كامل التفاصيل...