انتهت الانتخابات البلدية وباحت صناديق الاقتراع بسرها وخرج المسار التعددي الفائز الأكبر لكن ولاية المنستير لم تنخرط في هذا التوجه الديمقراطي وتخلفت عن الركب مخلفة أكثر من سؤال. فهل ان غياب التعددية بها مؤشر على قوة التجمع بهذه الربوع أم هو رفض لممارسة الديمقراطية؟ لقد أكد سيادة الرئيس زين العابدين بن علي في أكثر من مناسبة على أن الخيار التعددي هو أحد أهم المداخل لتحقيق انتقال البلاد الى مصاف الدول المتقدمة وكسب رهانات الحاضر والمستقبل، وتجسمت هذه الرؤى والتوجهات الرئاسية على أرض الواقع من خلال ما شهدته المجلة الانتخابية من تنقيحات متعددة وما حظيت به أحزاب المعارضة من دعم كان من نتائجهما ميلاد مشهد تعددي بمجلسي النواب والمستشارين والمجالس البلدية. هذا المشهد التعددي شمل على مستوى الممارسة على الأقل في هذه الانتخابات البلدية كل الولايات باستثناء ولايتي المنستيروتطاوين. ولئن بدا الامر عاديا لولاية تطاوين باعتبارها تضم 5 بلديات فحسب فإن الذي لم يكن عاديا بل كان الامر ملفتا للانتباه هو عدم وجود اي قائمة معارضة أو مستقلة بولاية المنستير التي تضم أكبر عدد من البلديات والتي يبلغ 31 بلدية من جملة 257 بلدية بكامل تراب الجمهورية بما يمثل نسبة 12.06٪. فهذه الولاية نطقت باللحن الواحد رغم أنها كانت السباقة في تجسيم التعددية. ففي الانتخابات البلدية لسنة 1957 زاحم المرحوم محمود الشاوش الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة في بلدية المنستير. كما كانت أول ولاية تشهد نجاح قائمة مستقلة في بلدية قصر هلال سنة 1985. وكادت القائمة المستقلة ببلدية جمال ان تعيد السيناريو بحصولها على نسبة 49٪ في انتخابات 1990، وبهذه الولاية ولد حزب الوحدة الشعبية وبها برزت حركة التجديد وريثة الحزب الشيوعي. كما نجح العديد من نواب المعارضة بمجلس النواب، فلماذا انعزلت هذه الولاية اليوم عن المسار التعددي. فهل ان غياب القائمات المنافسة من معارضةومستقلين ظاهرة صحية تؤكد اكتساح التجمع لكامل الساحة وهل هو مبعث فخر واعتزاز يبرز قوته ام هو ظاهرة مرضية تسيء إليه خاصة وان اصحاب القائمات المستقلة التي سقطت ببني حسان وبوحجر وقصيبة المديوني أومأوا بالايحاء الى دور التجمع في ما حصل لهم ولو أنهم يتحملون مسؤولية جهلهم بالقانون، فيما تحدثت اخبار عن اجهاض قائمات أخرى في المهد مما أبقى على اللون الواحد وهو ما جعل الانتخابات البلدية بولاية المنستير فاقدة لروح المنافسة والتشويق.