تمضي اليوم الاربعاء 12 ماي 2010 الذكرى السادسة والاربعون للجلاء الزراعي عندما وقع الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة صبيحة يوم 12 ماي 1964 بقصر الجمهورية بقرطاج وثيقة الجلاء الزراعي على نفس المنضدة التي وقع عليها الصادق باي يوم 12 ماي 1881 وثيقة الحماية الفرنسية لبلادنا. كما تمضي الذكرى الثانية والعشرون لقرار سيادة الرئيس زين العابدين بن علي اعتماد هذا اليوم الرمز يوما وطنيا احتفاء وتكريما واعتبارا لفلاحتنا مصدر أمننا الغذائي وتشبثا بخدمة الارض عنوان سيادتنا واستقلال قرارنا. وهي مناسبة تتاح لنا جميعا نحن معشر الفلاحين الذين واكبنا مسيرة التنمية التي شهدتها فلاحتنا على مر العقود حظيت بالدعم والنقلة النوعية رغم الصعوبات والعراقيل ترجمتها الانجازات مما مكنها من بلوغ مرتبة الاكتفاء في بعض القطاعات وكسب معركة التصدير تدريجيا والتموقع الجيد في بعض الاسواق العالمية الى جانب المتابعة الموصولة من رئيس الدولة شخصيا وحرصه على تحسين البنية التحتية وتعصير الفلاحة وتوسيع المناطق السقوية بتعبئة الموارد المائية وتنظيم قطاع الاستثمار الفلاحي وتحفيز الشباب مع الأخذ بأيدي صغار الفلاحين عبر برامج التنمية الريفية المندمجة فضلا عن تحسين ظروف العيش. وحتى يستكمل القطاع الفلاحي مقومات التطور وتحقيق الاهداف الوطنية المنشودة في ظل المتغيرات ومجابهة شراسة المنافسة الاقتصادية العالمية وتقلبات الاسواق. وبتوفر عنصر الارادة السياسية خاصة منذ التحول المبارك وسلم اهتمامات الدولة من حيث الجهد المبذول والعناية والمتابعة والدعم المستمر وتضافر كل مكونات المنظومة الفلاحية يجعلني أتفاءل خيرا بالرغم من الصعوبات والتحديات القائمة وكحلول للمجابهة أرى: تعميق الاصلاحات وتأهيل القطاع على المستوى الهيكلي الناجع باعتبار تشعبه وأهمية البعد التنموي بدءا بتحقيق الاكتفاء ورفع الانتاج وصولا الى التصدير والاندماج الفاعل في الدورة الاقتصادية العالمية. المحافظة على كل الثروات والمكاسب الوطنية وخاصة منها الاراضي الدولية والارتقاء بها نحو المثالية والنموذج المتبع في التنمية المندمجة. مواصلة السياسة المائية وتعبئة الموارد وتنمية الثروة السمكية وحماية الاديم والتنمية المستديمة. توسيع وتطوير مشمولات البحث العلمي والارشاد الفلاحي بدءا من دراسة المناخ والتربة والآلة والبذور والاسمدة والادوية لكل المناطق المنتجة والوقوف مع الفلاحين خاصة عند حدوث الكوارث الطبيعية عن طريق التأمين الفلاحي وصندوق الكوارث. معالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي لصغار ومتوسطي الفلاحين من حيث الحد من تشتت الملكية بالتشاريع القانونية الملائمة وتكريس ثقافة حب العمل الجماعي واستغلال الخارطة الفلاحية للانتاج ضمانا لسلامة العيش الكريم من ناحية واعتماد وحدة الارض وتوسعها أداة للتعصير والجدوى والنجاعة من ناحية أخرى. دعم قطاع الخدمات بتفعيل الهياكل المهنية القادرة على حماية المنتج والمستهلك معا من نهم الوسطاء بتوفير الآلة وتأمين النقل ومختلف الخدمات الاخرى. تحيين قانون الاهمال وجعل الملكية وظيفة اقتصادية واجتماعية. تشبيب القطاع وتوسيع نطاق التشغيل الفلاحي. تكثيف الاستثمار الفلاحي وما يتطلبه القطاع الفلاحي من تمويلات للنهوض به. الحد من الاستهلاك المفرط في المواد الاساسية عبر ترسيخ ثقافة ترشيد الاستهلاك الغذائي. بعث مرصد وطني باعتباره آلية فضلى للمتابعة والمراقبة واليقظة المستمرة. تفعيل الاعلام الفلاحي الذكي الذي يساهم في توضيح الرؤى وبالتالي ترسيخ مفاهيم ومبادئ السياسة الفلاحية المجدية. وهكذا تكون فلاحتنا قادرة بحق على كسب الرهانات الموكولة إليها وتعزيز مساهمتها في حسن تموقع الاقتصاد التونسي في الفضاء المعولم وهذا ممكن خاصة اذا أحسنا اختيار الكفاءات المسؤولة والمقتدرة والمخلصة والنظيفة على جميع المستويات والتي يكون همها الأوكد مصلحة الوطن العليا لا غير عبر تناغمها مع الارادة السياسية القائمة.