رغم القرب الزمني بينهما، فإن البوْن يبدو شاسعا بين انتخابات المحامين الشبان وعمادتهم، لعدة اعتبارات اهمها ان التحالفات التي غابت في مارس الماضي عن انتخابات شباب المحامين فإنها ستكون حاضرة وبقوّة خلال انتخابات جوان القادم فالنظرة الى جمعية المحامين الشبان لا تكون قطعا بنفس التركيز الذي تحظى به مؤسسة العمادة. وللتذكير فإن المحامين هذا العام، عاشوا مؤتمر جمعية المحامين الشبان والتي تميّزت العملية الانتخابية فيها بالتصويت السياسي البحت فحتى طريقة فرز الأصوات مميّزة، بثلاثة جداول شاهدها الجميع لأن الأمر اقتصر على ثلاث قائمات مغلقة ومردّ رفض التحالف ان كل طرف أراد قياس درجة حضوره داخل القطاع استعدادا للموعد الأهم وهو مؤتمرات الهياكل وعلى رأسها تأتي مؤسسة العمادة ورغم فوز التجمعيين بجميع مقاعد الجمعية فإن هناك اقتناعا بأنهم التجمعيون لم يصبهم غرور الفوز بأنهم قادرون لوحدهم بالفوز بالعمادة فتجارب الأعوام الماضية والنيابات التي خلتْ أثبتت ان العميد وحتى ينجح في نيابته يجب ان يكون محاطا بمجلس هيئة متناغم معه لأنه سيجد نفسه يدور في حلقة مفرغة وينهي نيابته كما بدأها إذا كان مجلس هيئته بعيدا عنه أداء ومواقف!! وحديثنا هنا ينطبق على اي عميد، ومن أي تيّار كان. وغاية الحديث مما سبق ذكره، أن «السيطرة» على الجمعية لا تعني آليا الفوز بكرسي العمادة، فالأمر مختلف عمرا ومصالح وانتخابات 2007 ساند خلالها التجمعيون ترشح الأستاذ شرف الدين الظريف على حساب العميد البشير الصيد لكن الفوز كان للثاني برغم ان جميع مقاعد الجمعية كانت آنذاك من لون سياسي واحد!! ارتباط بمقاعد باقي الهياكل وفي تحليلهم للتوجه الذي ستسلكه انتخابات عمادة جوان 2010 فإن المتابعين يجزمون على أن الحسم ولئن يكون من طرف مرشح التيارات الأقوى تواجدا بالقطاع، فإنه اي الحسم لن يتم الا بعد الانتهاء من تحالفات مقاعد باقي الهياكل، ونؤكد هنا على نيّة وتوجّه لأحد التيارات البارزة بالقطاع بعدم ترشيح عميد من ذات لونه السياسي لكنه في المقابل قد يساند مترشحا من تيّار سياسي آخر، في ارتباط بما سيحصل عليه بمقاعد مجلس الهيئة الوطنية والفرع الجهوي للمحامين بتونس، وهو الأكبر من حيث عدد المنخرطين. ونضيف مثالا ثانيا، على تغيّر التحالفات والمصالح الانتخابية في عمادة 2010 حيث راج الحديث بقوّة هذه الأيام عن وجود تحالف بين الأستاذين البشير الصيد وعبد الرزاق الكيلاني يقضي بمساندة أحدهما للثاني، اذا مرّ واحد منهما الى الدور الثاني من الانتخابات رغم ما عرفت به علاقة الرجلين من جفاء ونفور وحتى تبادل اتهامات طيلة عامين، وهدأت «الحملات» و«الحملات المضادة» هذه الايام بقدرة قادر!!! لكن الغرابة تنتفي ونحن نتحدث عن انتخابات المحامين ومفاجآتها وأسرارها التي تبقى رهينة أركان الصندوق الانتخابي!! تغيّر في الخارطة الانتخابية عايش صاحب هذه الأسطر، انتخابات عمادة المحامين منذ جوان 2001 وصولا بإذن الله الى جوان 2010 والاستنتاج الأبرز في مراجعة لانتخابات النيابات السابقة والحالية، والمقبلة ان شاء الله تبقى في كون الخارطة الانتخابية تخضع بصفة شبه دائمة الى منطق «التغيّر والتحوّل» ارتباطا بحجم التواجد والقدرة على التأثير وكذلك وهذا الأهم حسب «المصلحة» فخارطات تحالفات هذا العام ستكون حتما مختلفة تماما عمّا كان عليه الحال في انتخابات جوان 2007!! فاليمين وجزء هام من اليسار ساند آنذاك وبقوّة العميد الحالي الأستاذ البشير الصيد، وهو ما لن يحصل في 20 جوان القادم فاليمين يكاد يكون في قطيعة تامة مع الصيد والجميع على اطلاع بأدق تفاصيل خلافات الطرفين وهناك جزء من اليسار ابتعد عن الصيد لاعتبارات تتعلق بما يؤاخذه هؤلاء على العميد الحالي في مسألة «الاستقلالية» وحتى نكون واضحين أكثر فإننا نتحدث عن موقفهم في مسألة علاقته بالسلطة. ونعود للحديث عن تيّار اليمين لنؤكد انه معروف برفض المجاهرة بتحالفاته وانتظار اللحظات الأخيرة قبل العملية الانتخابية او حتى إبانها وكذلك خلال الدور الثاني خاصة وأنه لن يقدّم مرشحا للعمادة من لونه الايديولوجي والسياسي لكنه سيسعى بقوة الى «افتكاك» مقاعد «مفاتيح» بباقي الهياكل، وقبل الحسم في تحالفه فإنه سينتظر ويدرس بروية وحذر قادم الأيام الى حين الحسم نهائيا في الحجم الحقيقي لكل واحد من المترشحين السبعة للعمادة وعادة ما يكون التحالف مع الطرف الذي يرونه أوفر حظّا من غيره!! وعموما، فإن انتخابات هذا العام ستتميّز وعلى عكس ما يعتقده البعض، بشبه وضوح في توجهاتها وكذلك نتائجها فقبل أكثر من شهر من الموعد الانتخابي ورغم توفّر القائمة حاليا على سبعة أسماء أعلنت اعتزامها الترشّح فإن أذهان المحامين لا تدور في فلكها سوى ثلاثة أسماء فقط ستتنافس بشراسة على كرسي العمادة وربما تزيد الهوّة ضيقا لتسع اسمين فقط، نحتفظ بهما حتى لا نتهم بالتأثير على أجواء الانتخابات والعملية الانتخابية!!