وبعد يومين فقط من تاريخ العثور على هذه الجثة اعتبرت احدى العائلات من جهة بومهل البساتين أن جثة الغريق المتعفّنة هي لابنهم منجي الدلاجي ومنحت هذه الهوية للمجهول وقد تمت مواراته التراب باحدى المقابر بالجهة. المفاجأة الكبرى كانت بالعثور على جثة الشاب منجي الدلاجي (30 عاما) معلّقة الى شجرة داخل غابة رادس في اليوم الذي كانت تستعد فيه عائلته لاكمال مراسم «الزيارة» بعد حوالي أسبوعين من تاريخ الجنازة. حضر الجنازة... لكن... عائلة المفقود محمد علي اليحياوي لم تفقد الأمل، بل أصر أفرادها على كون الجثة التي تم اخراجها من المستشفى باسم المنجي هي لابنهم محمد علي بعد أن قرؤوا في الصحف خبر لفظ البحر لجثة مجهولة... لدرجة أن سليم شقيق الضحية محمد علي حضر جنازة شقيقه ورافقه الى القبر من منزل عائلة أخرى كانت تعتقد أنه ابنها. آثار عملية جراحية أكّدت الهوية. هذه العائلة لم تفقد الأمل وبقي حلمها معلقا حول تلك الجثة لدرجة أن أفرادها سعوا لمعرفة ان كانت (الجثة) تحمل علامات مميزة فعلا تعود لابنهم محمد علي واتصلوا فعلا (بغاسل الموتى) الذي أكّد لهم ان الجثة التي قام باعدادها هي فعلا تحمل آثار ندبة على مستوى المعدة وهي آثار عملية جراحية قديمة أجريت على محمد علي. الحلم تحول الى حقيقة بقي الأمل في قلب الاسرة المنكوبة التي بقي أحد أفرادها على اتصال بالعائلة الاولى عائلة المنجي الى حين نشر الشروق لخبر الخطأ الذي حصل وكيف تم العثور على جثة الضحية منجي داخل غابة رادس وأن الجثة التي لفظها البحر عادت مجهولة، سارعت حينها العائلة الى الفرقة الأمنية التي تعهدت بالبحث في القضية، كما سارعت الى عائلة الضحية المنجي لجمع أكبر قدر من المعلومات. تحاليل أولية لكن! لم تيأس العائلة من الأحداث التي تواردت عليها وأصرت بشدة بعد أن طرقت كل الأبواب لتثبت أن تلك الجثة هي فعلا لابنها محمد علي ولم تكن لتكتمل عملية التأكد الا من خلال تحاليل الخلايا الجينية (أ د ن) وفعلا أذنت النيابة العمومية برفع عينات من الجثة مجهولة الهوية التي تم مواراتها التراب منذ أكثر من شهر لعرضها على التحاليل ومقارنتها مع أفراد عائلة محمد علي ومن ثم مقارنتها بعائلات أخرى علّقت آمالها على هذه الجثة مجهولة الهوية. وكانت «الشروق» قد علمت مؤخرا أن التحاليل التي تم رفعها لم تجد نفعها إذ أضحت غير صالحة للاستغلال وذلك في نهاية الاسبوع الماضي، إلا أنه تم أول أمس الالتجاء للعينة الأولى للدم التي تم رفعها من طرف أعوان الحرس الوطني البحري برادس والتي لم يقع استغلالها، ومن خلالها أجريت التحاليل وعملية المقارنة مع والدي محمد علي لتكون النتيجة ايجابية. لم تكن حالة عائلة اليحياوي ليحسدوا عليها، فقد فرحوا وبكوا في الآن ذاته فرحوا لأن الجثة لم تبق مجهولة وأن ابنهم لن يكون في قبر مجهول بلا عنوان وأن نار الحرقة على فقدانه لن تتأجج بتحوله من خانة المفقودين الى خانة الموتى وبكوا لأن الجثة هي لابنهم فعلا خاصة وأن هذه العائلة فتحت باب منزلها للعزاء منذ أكثر من شهر. شكر خاص!! رغم حالة العائلة النفسية بعد عذاب طويل ورحلة أطول من البحث أبت الا أن تشكر السلط المحلية التي وقفت الى جانبها وساعدتها الى حين التأكد من هوية محمد علي. وقد رجتنا عائلة اليحياوي ابلاغ شكرهم الخاص للاستاذة الدكتورة راضية قسطلي رئيسة قسم التحاليل الجينية بمستشفى الحبيب ثامر بالعاصمة التي وقفت الى جانبهم. تقول العائلة «بعد فقدان الأمل في العينة التي تم رفعها من القبر كدنا نجنّ لكن الحمد & فالاطار الطبي بهذا القسم تمكن من الحصول واسترجاع العينة الاولى من الدم التي تم رفعها ومن خلالها وفي ظرف وجيز جدا أمكن اجراء عملية المقارنة لنتأكد نهائيا ان محمد علي هو فعلا صاحب الجثة مجهولة الهوية. انتهت رحلة العذاب النفسي لهذه العائلة أخيرا حين أمكن لابنهم أن يرقد في مثواه الأخير وأمكن لأسرته المنكوبة أن تنقش اسمه وتزوره متى شاءت.