كان اقصى حلم في حياتهم هو مشاهدة البحر عن قرب ومداعبة امواجه.. بعدما سكنت صورته في اذهان البعض من خلال شاشة التلفزيون بينما ظل محض خيال لدى البعض الآخر... وشاءت الظروف ان يتحقق حلم هؤلاء من سكان المناطق النائية من مختلف ولايات الجمهورية، وذلك بفضل برنامج المصيف العائلي الذي نظمته جمعية الترفية الأسري لفائدة عدد من العائلات المعوزة من سكان المناطق الداخلية. لم تكن بحاجة لطرح السؤال لمعرفة ما يشعرون به لأن الفرحة كانت تقفز من العيون وترتسم على الشفاه ابتسامة آتية من الأعماق. فقد كان جميعهم كبارا وصغارا في حالة انتشاء او في حلم يرفضون الاستيقاظ منه. كما اكد السيد سالم رجب الذي قدم رفقة زوجته واطفاله الاربعة من منطقة قشانة معتمدية سيدي علوان ولاية المهدية اكد ان اطفاله كانوا دائما يلحون عليه لإصطحابهم الى البحر الذي لم يعرفوه سوى من خلال التلفزة غير ان ذلك كان حلما بعيد المنال بالنسبة اليه لان ظروفه المادية لا تسمح له بأكثر من توفير القوت اليومي لأطفاله. يقول السيد سالم: انه كان وعائلته محظوظين باختيارهم من طرف الولاية للمشاركة في هذا المصيف وبكل تلقائية تدخلت السيدة مباركة يوسف قائلة: «انها المرة الاولى التي اشاهد فيها البحر في حياتي فقد شعرت برهبة لا توصف في البداية لكنني شعرت بمنتهى السعادة والمتعة بعد ذلك ولا يمكن ان انسى ابدا هذه الايام وستظل ذكراها عالقة بذاكرتي». **لم يناموا الليل السيد الحبيب جليد من منطقة الحنشة ولاية صفاقس عامل يومي وأب لأربعة اطفال يقول: «لقد كانت مفاجأة لم تخطر لنا على بال، عندما اخبرتنا الولاية بأنه وقع اختيارنا للمشاركة في هذا المصيف، وعندما اخبرت زوجتي واطفالي ذهلوا للمفاجأة ولم يستطيعوا النوم في تلك الليلة. بالاضافة الى المتعة واكتشاف البحر ومدينة قربة يقول السيد الحبيب ان هذا المصيف مكّن جميع المشاركين من ربط علاقات صداقة قوية في ما بينهم، حيث اصبح لكل واحدة منهم صديق في كل ولاية من ولايات الجمهورية. السيدة زهرة مسعودي ارملة وأم لسبعة اطفال قالت انها لم تصدّق المفاجأة التي جاءتها عن طريق الولاية فهي لم تكن تحلم بما حدث، نظرا لظروفها الصعبة حيث لا يتجاوز مرتبها 80 دينارا. اما عبد الحميد ذباني من ولاية قفصة معتمدية سيدي عيش وهو عامل بحضيرة فيؤكد بأن زوجته لم تستوعب ما حدث حتى الآن فهي المرة الاولى التي تغادر فيها منطقتها في حياتها، لذلك فهي تتقدم بالشكر لكل من ساهم في تنظيم هذا المصيف. السيدة فطوم النجار، ام لأربعة اطفال ذكرت لنا انها المرة الاولى التي تغادر فيها ولاية توزر في حياتها هي واطفالها وكان اقصى حلم لها هو زيارة مدينة قفصة وتضيف: ان اطفالها لم يناموا الليل. **رهبة ثم متعة بعدما اخبرهم والدهم بالمفاجأة السارة وبكل براءة تتدخل الطفلة شيماء عمارة 8 سنوات لتقول: عندما شاهدت البحر شعرت بخوف شديد وعندما دفعتني امي وسط المياه شعرت بالدوخة لكنني الآن اجد متعة لا توصف وسأحكي لأصدقائي في المدرسة عن كل ما عشته في هذا المصيف». عائشة الشهيدي وزوجها مهدي ضيف الله عامل يومي كانا في غاية السعادة رفقة اطفالهما الاربعة تقول عائشة انها المرة الاولى في حياتي التي اغادر فيها ولاية تطاوين انا واطفالي انه حلم لا اريد ان استفيق منه. وذكرت لنا هذه السيدة انها اكتشفت في نفسها موهبة فنية في الرسم على البلور وذلك من خلال الورشة التي نظمها المصيف لصالح النساء المشاركات واكدت انها ترغب في مواصلة التجربة لو وجدت الامكانيات ويتدخل زوجها السيد ضيف الله بقوله بأن الفضل في كل هذا يعود لجمعية الترفيه الأسري ومن يقف وراءها وعبّر عن امله في اعادة التجربة. وقال ان هذا المصيف جعله يكسب اصدقاء كثيرين من ابناء بلده. **وتحقق الحلم اما أنور الهرابي من اولاد حفوز سيدي بوزيد فيقول انه مندهش مما يحدث له ولعائلته حيث تحقق لهم حلم كان في عداد المستحيلات نظرا لظروفه المحدودة وأكثر شيء ابهره هو الورشات المختلفة التي تضمّنها المصيف حيث استفاد الاطفال من ورشات للموسيقى والرقص والرياضة بينما استمتعت الامهات بالرسم على البلوّر. وفي الختام عبّر الجميع عن اسفهم الشديد لمغادرة المصيف وفراق احباب جمع بينهم عشق البحر واجواء مدينة قربة الجميلة.