أدانت الخرطوم الليلة قبل الماضية قرار مجلس الامن الذي يمهلها شهرا واحدا لإنهاء أزمة دارفور واستمرت في التعبئة العامة استعدادا لمجابهة تدخل عسكري أجنبي في وقت حشدت فيه فرنسا حوالي جندي عند الحدود بين شرق التشاد ودارفور للقيام بعمليات «إغاثة» لصالح اللاجئين السودانيين... وكانت الحكومة السودانية غير ان وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان اسماعيل قال امس انه ليس هناك ما يدعو الى رفض قرار مجلس الامن. وصرّح في مؤتمر صحفي ان بلاده سوف ترد اليوم بشكل رسمي على القرار. القرار الذي أصدره مجلس الامن أول أمس بأغلبية صوتا وامتناع دولتين عن التصويت بامتعاض شديد معتبرة ان القرار الذي يهدد ضمنيا بفرض عقوبات على السودان لم يكن متوازنا حيث لعب الضغط الامريكي البريطاني دورا كبيرا في تبنيه هذه السرعة. امتعاض وتعبئة متواصلة وبعد ساعات من التصويت أكد المتحدث باسم الحكومة السودانية الزهاوي ابراهيم مالك ان القرار غير مناسب، مضيفا انه يخالف تماما الاتفاق المبرم في الثالث من جويلية الماضي بين الخرطوم والأمم المتحدة. وأشار مالك الى ان القرار ركز على ميليشيات «الجنجويد» (المتهمة بارتكاب جرائم حرب في دارفور ضد القبائل الافريقية غير العربية بدعم من السلطات السودانية) أكثر من تركيزه على اغاثة المتضررين في الاقليم المضطرب وأكثر من محاسبة الميليشيات الاخرى التي لا تزال ترتكب فظاعات وترفض الجلوس الى مائدة التفاوض. وعبّر المتحدث السوداني عن أسف بلاده العميق لصدور قرار مجلس الامن منددا ب»اختطاف» قضية دارفور من نطاقها الاقليمي ونقلها بسرعة الى مجلس الامن. واتهم الزهاوي ابراهيم مالك المجلس بأنه تجاهل عمدا الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة والجامعة العربية والاتحاد الافريقي وغض النظر في المقابل عن استمرار الميليشيات المتمردة بدارفور في العمل العسكري مما يعرقل جهود الاغاثة الدولية. وأكد المتحدث السوداني مجددا رفض بلاده التهديدات التي أطلقتها دول غربية مثل بريطانيا بالتدخل عسكريا في أراضيها مشددا على ان السودان مستعد للدفاع عن شعبه ومواجهة الاعداء المتآمرين والطامعين في ثرواته. وخفف السودان أمس لهجته حين قال سفره لدى الاتحاد الافريقي ان بلاده ستلتزم بالقرار الدولي في حدود استطاعتها. وكانت حكومة الخرطوم قد أعلنت منذ الثلاثاء الماضي تعبئة وطنية عامة وقامت في هذا الاطار بالافراج عن العشرات من أنصار قائد المعارضة المعتقل حسن الترابي. ونظمت عدة مظاهرات منددة بتدخل عسكري أجنبي محتمل وبدت الخرطوم أمس هادئة تماما غداة صدور قرار مجلس الامن ولم تلاحظ تعبئة عسكرية غير عادية. ضغوط أمريكية وارتياح مصري وامتدادا لضغوط واشنطن التي كان وراء تبني القرار دعا امس وزير الخارجية الأمريكي كولن باول الحكومة السودانية الى ان تستغل المهلة الممنوحة لها كي تقوم بكل ما بوسعها للسيطرة على ميليشيات «الجنجويد». وقال باول في تصريح أدلى به في الكويت التي غادرها أمس الى البوسنة ان المهم الآن مساعدة مئات الآلاف من سكان دارفور الذين يعانون داعيا بالمناسبة الاتحاد الافريقي الى التحرك بحزم لتنفيذ تعهده الاخير بمساعدة سكان دارفور واعادة الامن الى الاقليم الواقع في غرب السودان. وفي أول رد فعل رسمي عبّر أمس وزير الخارجية المصري عن ارتياحه لقرار مجلس الامن معتبرا ان القرار يعطي الخرطوم وقتا كافيا لانهاء الأزمة.