عن دار تونس للنشر صدر كتاب جديد هذه الأيّام للباحثة الدكتورة سلوى السّعداوي بعنوان «الرواية العربية بضمير المتكلّم وهو في الأصل أطروحة دكتورا دولة ناقشتها الباحثة في جويلية 2007بكليّة الآداب والفنون والإنسانيات بمنّوبة يإشراف الدكتور محمد القاضي الذي قدّم هذا الكتاب . الكتاب يمثّل حفرا مهمّا في المدوّنة الروائية العربية والتونسية بحثا عن «أنا» المتكلّم من خلال بعض النماذج والتجارب الروائية مثل «اللجنة» للروائي المصري صنع الله ابراهيم و«عالم بلا خرائط» للروائي السعودي عبدالرحمان منيف و«ذاكرة الجسد» للجزائرية أحلام مستغانمي و«نخب الحياة» لآمال مختار من تونس و«البحث عن وليد مسعود»للفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا . الكتاب صدر في أربعة أبواب وهي «ملامح الرّاوي بضمير المتكلّم ومواطن ظهوره» و«تمثيل الحياة الباطنية في الرواية بضمير المتكلّم» و«جمالية الرواية بضمير المتكلّم» و«قضايا الرواية بضمير المتكلّم ودلالاتها». الدكتورة سلوى السّعداوي تتبّعت في بحثها بدقّة مسارات الأنا المتحدّث في رحلة الخيبة والإنكسار في علاقته بالمكان والفضاء والجسد في حواراته الباطنية وعالمه التخييلي وواضح الجهد الذي بذلته الباحثة في عملها وقد قال الدكتور محمد القاضي عن هذا البحث الجاد والجدّي «إنّ هذه الدراسة تجمع بين صرامة المنهج ودقّة التحليل ومتعة التجوال في نماذج من الرواية العربية.ولئن وقفت الباحثة مطوّلا عند دلالة هذا الأسلوب على الإنكسار والفشل فإنّ هذه الروايات كانت الى ذلك تعبيرا مزدوجا عن القلق والتّمرد والإدانة والتحدّي من جهة، وعن البحث عن طرائق فنيّة مخصوصة تضفي على المنجز الإبداعي العربي جمالية وتنأى به عن الدروب المألوفة التي أطبقت عليه الخناق وحالت دونه ودون التعبير عن هويته والإسهام في مسيرة الإبداع العالمية». وتذهب الدكتورة سلوى السّعداوي في تحليلها وإستنتاجاتها أنّ ضمير المتكلّم كحامل سردي فتح للرواية العربية آفاقا جديدة للتصرّف في العالم الحكائي حسب عبارتها . وترى أن الروائيين الذين إلتجأوا الى كتابة سيرتهم الذاتية إنّما ينشدون في الحقيقة التعريف بأنفسهم وبمواقفهم وأعمالهم لكنّها تستنتج أيضا «إنّ المترجم لذاته يخشى الرقابة الأخلاقية والثقافية (القرّاء والسّاسة والسّاهرون على الدّين واللغة والأخلاق...) ولذلك يعسر على المترجم لذاته أن يكون حرّا حريّة مطلقة في الجنس الذي إختاره نمطا للكتابة « الباحثة سلوى السّعداوي لم تغفل عن دراسة الجوانب الشّعرية في المتن الروائي الذي تناولته بالدراسة والتحليل الى جانب دراسة أشكال الحوار الباطني والوعي بالجسد والسّخرية والمحاكاة . وافتتحت الدكتورة سلوى السّعداوي بحثها بمدخل عام درست فيه تعريفات الأنا وضمير المتكلّم في علم النّفس ومجالي اللغة واللسانيات وفي المفهوم الفلسفي وخصائص السّرد وقضيّة التّداخل بين الأجناس . كتاب «الرواية العربية المعاصرة بضمير المتكلّم» يؤّكّد ولادة باحثة جادّة في مجال السّرد هذا المبحث الذي أصبح فيه الباحثون التونسيون يشكلّون مدرسة حقيقية على طول المساحة العربية .