اسرائيل إرهابية، وخارجة عن القانون، وكيان قرصنة، وتلك الصفات تأكدت مرة أخرى خلال العملية البحرية التي استهدفت أسطول الحرية في طريقه الى غزّة، إلا أن هذه الجريمة تكشف رغم كل شيء أنه بالإمكان الحاق الهزيمة بإسرائيل. صحيح أن اسرائيل منعت الأسطول من الوصول الى سواحل غزة. وصحيح أنها حسمت المسألة عسكريا خلال دقائق فقط، ولكن كل ذلك كشف مدى وهن ذلك الكيان الذي ارتدّت عليه جريمته في ما نراه من سخط ومن رفض له عبر العالم. واليوم وعلى الرغم من عدم وصول أسطول الحرية الى محطته الأخيرة غزّة، فإن أهدافه قد تحققت. وبات رفع الحصار قاب قوسين أو أدنى من حصوله. كما فقدت اسرائيل بممارساتها الهمجية تلك كل تعاطف او تفهّم عبر العالم. وبذلك تؤكد المقاومة في أشكالها المختلفة أنه بالإمكان الحاق الهزيمة بإسرائيل. لم يكن بالامكان تحرير الجنوب اللبناني المحتل لولا المقاومة اللبنانية التي استطاعت أن تؤلم ذلك الكيان وتجبره على الفرار من الجنوب وعلى عدم التحرّش بأهله. ولم يكن بالإمكان الإبقاء على وهج القضية الفلسطينية ساطعا كقضية إنسانية ملحّة لولا المقاومة والصمود في غزّة ولولا الصبر الذي أبداه أهل غزّة. الصبر على الجوع والمرض والموت والتشرّد وكل ممارسات الحصار الذي تفرضه اسرائيل وغيرها ضدهم على مرأى ومسمع من كل العالم. بالإمكان اذن الحاق الهزيمة بإسرائيل، اذا توفرت الإرادة والعزيمة والفعل، وهو ما عكسه الموقف التركي في هذه الازمة. فقد اقترنت إرادة رفع الحصار بالفعل الجدّي الصادق فكانت النتيجة ايجابية رغم التضحيات، والمقاومة تقترن دائما بالتضحية... وعلى الرغم من ردود الفعل الاسرائيلية المتعنّتة واللامبالية تجاه الموقف التركي فالأكيد ان قيادات ذلك الكيان ستحسب ألف حساب لأي موقف تركي قادم، موقف تتوحد فيه القيادة التركية مع شعبها. فهل أدرك العرب بعد كل ما حدث، لماذا لم تثمر عروضهم للتفاوض مع اسرائيل أو تهديداتهم. وهل أدرك العرب بعد كل ما حدث كيف تتسرّب قضاياهم من بين أيديهم وتتحوّل المبادرة الى غيرهم فيما يكتفون بالإدانة والشجب والتنديد؟