سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مذكرات سياسي في «الشروق»: الأستاذ أحمد بن صالح وأسرار وخفايا تكشف لأوّل مرّة (134): في مؤتمر عدم الانحياز «61»: «عبد الناصر» يدخّن كثيرا.. «نهرو» رجل آفاق و«هيلاسي لاسي» متحدّث جيّد
حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي «عود على بدء» فبعد حلقتي ذكرى اغتيال فرحات حشاد نعود إلى تتمة مؤتمر عدم الانحياز في بلغراد، سنة 1961 ومباشرة بعد «الجلاء» عن بنزرت (جلاء القوات العسكرية الفرنسية بعد الحرب) كان لصاحب المذكرات موعد مع تطورات وقصص، سادت ورشحت عن مقابلة بورقيبة وعبد الناصر.. وقد كشف لنا في الحلقة الماضية، جزءا منها، حين خاطب بورقيبة مضيّفه عبد الناصر، بأنه بعث له من سيقتله في جرجيس.. وبيّن صاحب المذكرات، كيف أن الوفد التونسي، بمن فيهم «سي أحمد» بن صالح، تفاجأ بكلام بورقيبة لعبد الناصر، حيث لم يتوقع أحد أن يتحدث الرئيس عن هذا الموضوع مع «الريّس» وفي ذاك التوقيت.. سألت «سي أحمد» كيف انتهت المقابلة؟ فقال: ساد «فطور الصباح» الذي دعانا إليه الرئيس جمال عبد الناصر، نوعا من الصمت والبرود.. وانتهى الأمر.. ولكن كيف استقبل عبد الناصر، أحمد بن صالح، الذي كان له فعل إيجابي مع مصر إبّان العدوان الثلاثي، ولما كان في السيزل؟ عن هذا السؤال يقول الأستاذ بن صالح: «عند المصافحة كانت هي والابتسامة عنوانا فيه علامة، ان الرجل يذكر شيئا ما عن بن صالح.. لكني أعود وأقول مرّة أخرى، وإلى يوم الناس هذا، لا أشعر أنني فعلت شيئا يستحق كلّ هذا التنويه.. فقد قمت بواجبي تجاه مصر.. وعند مقابلة عبد الناصر في بلغراد، وتحديدا على فطور الصباح الذي دعانا إليه، أحسست فعلا، بنوع من الحفاوة الخاصة تجاهي.. سوف نرى فيما بعد أنها حفاوة أكثر من عادية عندما توجهت إلى القاهرة في 1964. واستقبلني جمال عبد الناصر في بيته. وسنرى ذلك لاحقا».. وكيف كانت أجواء المؤتمر التأسيسي لدول عدم الانحياز؟ قال «سي أحمد»: «لاحظت نوعا من البهجة على محيّا وكلام «جواهر لال نهرو» وقد تحدث بلغة مستقبلية فيها آفاق ونظرة إلى المستقبل.. كما لاحظت أن جمال عبد الناصر كان يدخّن كثيرا.. وكان وهو جالس، يحرّك رجله اليسرى بقوّة.. (ترقيص الرّجل).. أما «هيلاسي لاسي» فقد اتجه نحوي وحادثني شخصيا (بالانقليزية) ولا أدري لماذا تحدّث معي، كان يحدّثني عن الاقتصاد.. ربّما لأني على صلة بالنقابات، والأثيوبية منها.. أما الماريشال «تيتو» رئيس يوغسلافيا، فقد كنت أعرفه من قبل.. عبر النقابات اليوغسلافية، في أحد مؤتمراتها.. وكانوا قريبين من تيتو كنقابيين.. أذكر أن المؤتمر (النقابي) الذي حضرته في «سراييفو» المليئة بالجوامع، كنت وأنا أمرّ في الشارع، لا أسمع سوى: السلام عليكم.. عليكم السلام.. وعن دعوة بورقيبة لعبد الناصر، لزيارة بنزرت، احتفاء بجلاء القوات الفرنسية عن بنزرت، قال «سي أحمد» إنه لا يتذكر تفاصيل زيارة ناصر إلى بنزرت، لأنه كان في أوج انطلاق المخطّط الانتقالي.. الذي تواصل من 1961 إلى 1964.. مشيرا إلى أن الدعوة لم تكن في تلك الجلسة المذكورة آنفا، بين بورقيبة وناصر في بلغراد.. وهنا كشف «سي أحمد» أن «انتصارنا في بنزرت، كان لأن الأممالمتحدة كانت إلى صفّنا.. وربما أن تلك الدعوة التي لم تصلنا كتونس من قبل «عدم الانحياز» كانت ضغطا على الأعداء وفضحا للاستعمار الفرنسي، وليس علينا».. وفي علاقة «بنزرت» سألت صاحب هذه المذكرات عن زيارة «بن بلاّ» إلى تونس، فقال: «بالنسبة لبن بلاّ، كنت موجودا خلال زيارته إلى تونس، في مدينة منزل بورقيبة (واسمها وقتها فيري فيل). وقد رأيت بن بلاّ ورافقته في زيارته إلى منزل بورقيبة.. لكن بالنسبة لزيارة عبد الناصر، فلا أذكر عنها شيئا محدّدا، نظرا إلى أننا كنّا «غارقين» في ورشة فقد كانت بداية عهد التخطيط.. فإلى حلقة قادمة من مذكرات وقصص لم تنشر من قبل.. مع «سي أحمد بن صالح».