أمطرني أحد الكرام من القراء الأكارم في مكالمة هاتفية مطوله بالشكر والثناء على ما كتبته في بطاقة سابقة حول ذاك المواطن المسكين الذي استعد لاحياء الذكرى 17 لمطلب كان تقدم به إلى الأطراف المعنية قصد الحصول على رخصة بناء لا لقصر الخورنق في المريخ ولا في القمر ولا في الأرض وإنما لبناء «قريطة» في قريته الريفية وكانت الوعود تتهاطل عليه بالترخيص له في البناء شريطة أن يصبر إلى درجة أنه تخلى عن طلب الرخصة وبات يطالب بإحالة «سي الصبر» على التقاعد من الإدارة التونسية الطريف في الأمر أن شاكري هذا ومادح ما كتب والمطنب في مدحي أفادني بأنه قد وقع الاتصال به لتسوية وضعيته شريطة أن يصبر قليلا من الزمن وكله أمل في أن تنتهي معاناته بعد السنوات الطويلة من الصبر والترقب ولكن الأغرب والأطرف أن مخاطبي وشاكري ومادحي هذا لا أعرفه ولا أعرف مصيبته هذه. وإن ما كتبته كان يهم مواطنا آخر من قرية غير قرية مخاطبي ومن معتمدية غير معتمديته ومن ولاية بعيدة عن ولايته كل البعد والأطرف من الطرافة، والأغرب من الغرابة أن مسؤولا قال لي ان الأمر يهم إدارته ويخص مواطنا يسكن بكذا. وهذا المواطن الذي يعنيه لا أعرفه ولا أعرف معاناته ولا أعنيه إطلاقا. ومن يدري أن إدارات أخرى ظنت نفس الظن. وأقامت يوما وطنيا ثانيا للأرشيف وحارت في معرفة من هو المقصود لكثرة المحالين عندها على «الصبر». وهنا أطرح هذا السؤال المحكوم عليه بالبراءة مع تأجيل التنفيذ بحثا عن جواب يرفض الحكم بعدم سماع الدعوى: ماذا يفعل المحكوم عليه إداريا بالصبر في أمر لا يتحمل الصبر؟ ولمن ينتظر الجواب أقول: «اصبر».