إعداد: عبد الرؤوف بالي وافق مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء الماضي على فرض عقوبات جديدة على إيران بعد خمسة أشهر من المحادثات بين دول مجموعة خمسة رائد واحد، وتم تمرير القرار الجديد بحصوله على 12 صوتا فقط ليصبح القرار الأقل تأييدا بين القرارات التي فرضت أربع جولات من العقوبات على طهران منذ عام 2006، كما لم يحظ القرار بتأييد دولي واسع حيث تراوحت ردود الفعل الدولية بين الانتقاد والترحيب والمطالبة بالمزيد. ونظرا للتباين الكبير بين المواقف الدولية سلطت «الشروق» الضوء على هذه المسألة في محاولة للتعرف على مختلف المبررات التي ساقتها الجبهات الثلاث وانعكاسات القرار على مستقبل المفاوضات المتعلقة بالملف النووي الإيراني. انقسم العالم في الليلة الفاصلة بين الأربعاء والخميس الماضيين إلى ثلاثة أقسام على مستوى المواقف من قرار مجلس الأمن بفرض حزمة رابعة من العقوبات على طهران وجاءت أسرع الردود من الطرف المطالب بالمزيد. وسارع كيان الاحتلال الإسرائيلي إلى الترحيب بالقرار 1929 حيث اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن هذا القرار يوضح لإيران أن «الدول العظمى تعارض مشروعها النووي وترى أن أكبر خطر على السلام في العالم هو وجود أسلحة خطرة لدى أنظمة حكم خطرة» ولم يكتف نتنياهو «بطل» مجزرة أسطول الحرية بالإشادة بقرار مجلس الأمن فقد أعرب عن أمله في أن تتبعها خطوات «صارمة» أخرى بما في ذلك فرض عقوبات على قطاع الطاقة الإيراني. وفي الاتجاه ذاته قال بيان للخارجية الإسرائيلية إن العقوبات الجديدة «خطوة مهمة ولكنها غير كافية» مؤكدة أنه يجب اتخاذ إجراءات أخرى ضد طهران على المستوى الدولي «ومن خلال قرارات تتخذها كل الدول». وتلبية للنداء الصهيوني أعلن نواب عديدون في الكونغرس الأمريكي انهم مصممون على وضع اللمسات الأخيرة لمشروع قانون للعقوبات على إيران ولا يزال قيد الإعداد وتأكيدا لهذا الاتجاه قال زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب ستيني هوير في بيان له إنه مازال ملتزما بأن يحيل إلى الرئيس باراك أوباما «رزمتنا الخاصة المشددة من العقوبات خلال أسبوع 21 جوان حين نقر مشروع القانون» في الكونغرس. وتهدف العقوبات الأمريكيةالجديدة إلى تلبية المطالب الإسرائيلية بالتأثير على إمداد إيران بالوقود وخصوصا أنها تستورد حوالي 40٪ منها بسبب افتقارها إلى مصافي التكرير كما يهدف القانون إلى زيادة إمكانية فرض عقوبات على الشركات الأجنبية التي تفوق استثماراتها في قطاع الطاقة الإيراني 20 مليون دولار. وعلى الصعيد الأوروبي إلى جانب الترحيب الكبير بالقرار 1929 فقد عبر عدد من المسؤولين عن أملهم في أن يتخذ الاتحاد «تدابير إضافية» بحق إيران فقد أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إثر محادثات أجراها مع نظيره الألماني غيدو فسترفيلي إنه يعتقد أنه من المهم للغاية أن يتخذ الاتحاد الأوروبي بالفعل مزيدا من الإجراءات.. وأن نوضح أن الاتحاد مستعد لاستخدام نفوذه في العالم». وفي اتجاه آخر وفي الاتحاد الأوروبي أيضا ظهرت أصوات تطالب باعتبار قرار مجلس الأمن مهم في اتجاه «إرجاع القادة الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات» وهو ما يتماهى مع الموقفين الروسي والصيني. واعتبرت وزارات الخارجية بكل من الصين وروسيا أن حملة العقوبات الجديدة مهمة وجاءت لتعطي دفعة جديدة لمحاولات حل الأزمة النووية مع إيران بطريقة سلمية مؤكدة أن علاقات البلدين مع طهران لن تتأثر بهذا القرار. وعلى النقيض من ذلك عبرت دول عدة عن استيائها من إقرار مجلس الأمن لحزمة جديدة من العقوبات حيث اعتبرها الرئيس البرازيلي لولا داسيلفا قرارا «خاطئا» واتهم الأممالمتحدة بأن مواصلتها لرحلة العقوبات «لا تأتي إلا من باب العناد ولا تهدف إلى إقناع إيران بالتفاوض». واعتبر داسيلفا أن القرار «أضاع فرصة تاريخية للتفاوض بهدوء» مضيفا «إنه تطور يضعف مجلس الأمن الدولي الذي مازال يمثل ميزان القوى ذاته كما في عام 1948 عند إنشائه». وفي هذا الصدد اعتبرت تركيا التي عارضت القرار أيضا بأنه خطوة ستعرقل التوصل إلى تسوية ديبلوماسية لأزمة البرنامج النووي الإيراني وأشارت الخارجية التركية إلى أن القرار 1929 يهدد «النافذة التي فتحت أمام تسوية سلمية» لهذا الملف وطالبت طهران بأن تظل وفية للاتفاق الذي توصلت إليه مع تركيا والبرازيل حول تخصيب اليورانيوم الذي أيدته وأوصت بتأييده في مجلس الأمن دول عدم الانحياز البالغ عددها نحو 120 دولة ومن جانبها اعتبرت الدول العربية أن العقوبات الجديدة «لا تخدم» التوجه نحو تسوية سلمية لهذه الأزمة وطالبت بأن لا تكون الخيار الوحيد في التعامل مع الملف النووي الإيراني. وانتقدت بعض الدول العربية سياسة المكيالين التي يعتمدها مجلس الأمن الدولي حيث تسلط الأضواء على الملف الإيراني بينما يواصل سياسة تجاهل النووي الإسرائيلي ويشارك في إخراجه من كل محاولات كشفه في مختلف الأجهزة والهياكل الدولية. إذن كانت هذه مختلف المواقف الدولية من قرار مجلس الأمن وقد تراوحت كما ذكرنا بين الترحيب والانتقاد والمطالبة بالمزيد كما تداخلت فيها مختلف التحالفات الدولية فقد تخلت كل من روسيا والصين عن دعم إيران لكنها نفت أن يؤثر ذلك في علاقاتهما بها بينما انقسم الاتحاد الأوروبي بين مرحب ومطالب بالمزيد كما انقسم العرب بين معارض ومتحصن بالصمت لكن الشيء الوحيد الذي ظل كما هو كان الدعم الأمريكي الأعمى للمطالب الصهيونية بإغراق إيران في أكثر ما أمكن من العقوبات إضافة إلى المحافظة على خيار التدخل العسكري حيث لم يؤكد أي من الأطراف التي أغرقت طهران بالتهديدات عن أن الجولة الجديدة من العقوبات قد تبعد احتمال القيام بمغامرة عسكرية في الأراضي الإيرانية. الحرس الثوري: سنرد بقوة على تفتيش سفننا طهران (وكالات) أعلن مسؤول بالحرس الثوري الايراني أمس أن بلاده سترد بعنف ضد أي تهديد بعد قرار مجلس الأمن الدولي تفتيش السفن الايرانية. ونقلت وكالة «مهر» الايرانية عن ممثل القوات البحرية في الحرس الثوري الايراني علي شيرازي تهديده من مغبة تفتيش السفن الايرانية في المياه الدولية قائلا ان «الجمهورية الايرانية لم تكن مطلقا بادية بأية حرب، ولكن اذا كانت تريد أمريكا ادخال الجمهورية الاسلامية الايرانية في مواجهة لا بد منها، فمن المؤكد أن القوة البحرية للحرس الثوري ستتصدى لهم بكل قوة». واستطرد قائلا: «سنرد ردا قاسيا على الاستكبار العالمي، وان تفتيش السفن الايرانية يأتي في اطار السياسة التدخلية للغرب، بقيادة الولاياتالمتحدة»، مضيفا ان «تفتيش السفن الايرانية يعتبر انتهاكا سافرا للحقوق الدولية».