تزخر الذاكرة الوطنية بالعديد من الأحداث التي عاشتها البلاد التونسية أثناء حقبة الاستعمار وتروي هذه الأحداث العديد من البطولات في المقاومة والاستبسال لعدد من مناضلي منطقة خمير وإحياء لهذه الشواهد التاريخية قامت المندوبية الجهوية للثقافة والمحافظة على التراث بجندوبة بتنظيم ملتفى تحت عنوان «ملتقى خمير الذاكرة والتاريخ» حضره العديد من الدكاترة المهتمين بتاريخ الحركة الوطنية بتونس عموما وبالجهة خصوصا حيث افتتح السيد عبد السلام بن حميدة مدير المعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية هذا الملتقى بكلمة تتعلق بالتاريخ المجيد وتبرز مدى استماتة المناضلين والمقاومين منذ الحقبة الاستعمارية بتونس وكيفية التصدي لهذا المستعمر الغاشم. وقد حضر هذه الكلمة السيد معتمد الجهة ومجموعة من المناضلين والمقاومين الذين عايشوا الحركة الوطنية ثم تتالت المداخلات والمحاضرات على مدى يومين كاملين لسرد كل تفاصيل النضال بهذه الجهة. وقد أتحفنا السيد عبد العزيز الخميري الغريبي عضو مجلس المناضلين والمقاومين الكبار والذي عايش فترة من المقارمة بهذه الربوع. فتحدث قائلا: اجتاح الاستعمار الفرنسي البلاد التونسية بعد معاهدة باردو سنة 1881 وقد أكدت العديد من المصادر التاريخية أن أبناء الجهة استبسلوا في التصدي والمقاومة بكل شجاعة للغزاة المعتدين فموقع حدود البلاد التونسية المتاخم للحدود الجزائرية وما يربط بين البلدين من علاقات أسرية وجوار جعلت بعض الأخبار تتسرب آنذاك من الجزائر لتونس وتؤكد عزم الفرنسيين احتلال البلاد التونسية بجيوشها المرابطة بالقرب من الحدود بذريعة واهية. هذه المعلومات جعلت كل سكان المناطق الحدودية تتأهب للمقاومة بكل من جبال خمير الممتدة من جبال الغرة غربا الى جبال «مقعد» وعمدون شرقا مسلحين بما لديهم من أسلحة ووسائل للدفاع عن الوطن بالرغم من التباين الكبير في موازين القوى من حيث التنظيم ونوعية الأسلحة وعدد الغزاة ولذلك اعتمد المناضلون على طريقة تركيز أمهر المقاومين بكل النقاط الهامة والحساسة بالشريط الحدودي ما كان له الأثر الايجابي في دحر المعتدين في عدّة أماكن. ومن أهم المعارك التي وقعت بهذه الجهات معركة المنكورة بعمادة أولاد سدرة ومعركة ماكنة بالقرب من منطقة وادي الزان ومعركة سيدي عبد الله بالأجمال بالقرب من مدينة عين دراهم اضافةالى كل هذه المعارك التي صمد فيها المقاومون. فقد شاركوا في المعارك التي خاضتها قبائل «الحوامد» و«بني عمر» بساحل طبرقة وأسفرت عن إغراق سفينة للعدو مازال حطامها قائما بالشاطئ إلى حد الآن. وما إن بسط الاستعمار كامل نفوذه على الايالة التونسية بالرغم ما تعرض له من كفاح ومقاومة عمد الى التنكيل بالمواطنين فاستحوذ على أراضيهم وحرمهم من أبسط مرافق العيش الكريم وتركهم يرزحون تحت وطأة الفقر والجهل والمرض حيث أوصد أمامهم أبواب المدارس فلا حق لهم في ترسيم أبنائهم في الدراسة فساءت الأوضاع الصحية لعدم وجود العناية لمعالجةالأمرض ما جعلها تتفشى بين السكان ولم تتحسن كل هذه الظروف إلا بعد حصول للبلاد على استقلالها بفضل الكفاح والمقاومة وتضحية رجالات الحزب الحرّ الدستوري الذين تعرضوا الى أبشع أنواع التعذيب والتهجير وفي مقدمتهم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.