عن منشورات مجلة «مرآة الوسط»، صدر هذه الأيام كتاب جديد للكاتب والاعلامي محمود الحرشاني، يحمل عنوان «في التاريخ الثقافي التونسي مجلات أفلت». الكتاب يقع في نحو 130 صفحة من القطع المتوسط، وهو محاولة أولى وجادة غير مسبوقة في مجال التأريخ للصحافة التونسية عامة، والصحافة الجهوية والثقافية خاصة، ذلك أن الكتاب يقدم حوالي 20 مجلة وصحيفة كانت تصدر في فترة من فترات تاريخ تونس، ولكنها احتجبت عن الصدور لسبب من الأسباب، منها ما هو مادي ومنها ما هو سياسي ومنها ما هو مرتبط بشخص أو حدث ما.. ومن بين المجلات والصحف التي تحدث عنها الكاتب في هذا الكتاب المرجعي، نشير الى مجلات «الثقافة» و«الالهام» و«مرآة الساحل» و«صدى الصحراء» و«القيروان» و«الحنايا» و«صبرة» و«المعارف» و«الفنون» و«تعاضد وثقافة» و«المباحث» و«الشباب»، ومجلات أخرى كثيرة قدمها صاحب الكتاب في هذا المصنف وذلك حتى تكتمل الصورة عن هذه الدوريات والدور البارز الذي لعبته في الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية، وأهم الأشخاص الذين كانوا وراء بعث هذه الدوريات والتضحيات التي تكبدوها من أجل إصدارها. ويرى صاحب الكتاب، أن من أسباب توقف هذه المجلات، ما كانت تعانيه من عجز مادي الى جانب ارتباطها بمناسبات وأحداث وشخصيات وأثرت فيها، وانتهت بنهايتها، ولكن مع ذلك، كانت هذه المجلات والصحف، هي النواتات الأولى، لصحافة جهوية متطورة في تونس. فرغم أنه لم تكن تخلو جهة من الجهات من صحيفة أو مجلة ناطقة باسمها وتتحدث عنها، فإنه لا مجلة واحدة استطاعت أن تصمد وأن تستمر في الصدور لأكثر من عدد أو عددين، ما عدا بعض الاستثناءات مثل مجلة «مرآة الساحل» في سوسة و«تعاضد وثقافة» في قفصة و«الحنايا» في زغوان و«صبرة» في القيروان التي استمرّ صدورها لوقت أطول. ويؤكد المؤلف، أن عمله ليس بحثا أكاديميا ولا يمكن أن تسلط عليه مقاييس البحث العلمي الدقيق بقدر ما هو محاولة لفتح الباب لكتابة تاريخ الصحافة في تونس أمام المختصين والباحثين والمهتمين بالموضوع. كما أن الكتاب لا يقدم كل الدوريات والمجلات، ذلك أن هناك مجلات أخرى ودوريات لعبت أيضا دورا مهما في حياتنا الثقافية والصحفية، ولكن المؤلف لم يذكرها ويرى المؤلف في حديث لإذاعة المنستير أنه ليس مؤرخا أو موثقا بقدر ما كتب عن المجلات التي يحبها والتي يعتبرها نادرة وغير معروفة. والكتاب في الأصل كما يوضح صاحبه في المقدمة، هو مادة لبرنامج إذاعي سبق أن أنتجه المؤلف سنة 2002 بإذاعة صفاقس وكان يُذاع أسبوعيا بعنوان «نزهة في صحافة الماضي». وعموما، يبقى كتاب «مجلات أفلت» لمحمود الحرشاني محاولة جريئة وشجاعة لكتابة تاريخ الصحافة الجهوية الثقافية في تونس، من منطلق رؤية إنسان مارس هذا العمل وخبره لسنوات طويلة.