يواصل مبعوث السلام الأمريكي لقاءاته في المنطقة بحثا عن سبل تحريك عملية السلام بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي.. وتأتي هذه المساعي في ظل سياسات اسرائيلية متغطرسة تبرع في لعبة الهرب إلى الامام وتكريس الأمر الواقع بالاعتماد على حجة القوة.. فمع كل جولة يقوم بها المبعوث ميتشل إلى المنطقة تحرص حكومة نتنياهو على استقباله باجراءات وقرارات استيطانية جديدة تهدف إلى تغيير ملامح القدسالمحتلة وإلى مزيد دعم الاستيطان في الضفة الغربية.. آخر هذه الاجراءات ما أعلن عن اعتزام الصهاينة ضم الشطر الشرقي من المدينة إلى الشطر الغربي لتستجيب بذلك لمقولة «القدس عاصمة اسرائيل» الأبدية التي يرفعها الصهاينة ولم يتوقفوا يوما عن تكريسها على أرض الواقع. وإذا كان الصهاينة ينساقون في هذه السياسات ويواصلون رفع اللاءات في وجه القضايا الحقيقية للمفاوضات مع الطرف الفلسطيني وفي مقدمتها القدسالشرقية والحدود وحق العودة للاجئين.. وإذا كانت الادارة الأمريكية لا تتردد في مكافأتهم عن هذه المواقف المتعنتة بترديد اسطوانة التزامهم بأمن إسرائيل وبعدم ممارسة أي ضغط فعلي وحقيقي عليهم لإجبارهم على توفير أجواء وأرضية ملائمة لانطلاق مفاوضات جدية تثمر سلاما عادلا ودائما،،، فأي معنى يبقى لجولات ميتشل؟ وأي معنى يكون لوجوده حتى ولو قرر بناء خيمة والإقامة في فلسطينالمحتلة ليكون على مقربة من فرقاء العملية التفاوضية؟ ان جولات المبعوث الأمريكي ستبقى جولات عبثية ما لم تحدد إدارة أوباما ملامح «الوسيط النزيه» وما لم تتحرك في اتجاه ممارسة ضغوط حقيقية وجادة على الطرف الاسرائيلي الذي يعربد ويتصلب معوّلا على الانحياز الأمريكي وعلى انخرام موازين القوى بالكامل لصالحه. ذلك ان صناعة السلام تحتاج وجود رغبة من طرفين.. وإذا كانت اسرائيل قوية بمنطق القوة العسكرية والسياسية فإن الطرف الفلسطيني قوي أيضا بمنطق الحق والتاريخ.. وفي غياب ارادة صادقة لصنع سلام عادل ومتكافئ فإن كل هذه الجولات والبهلوانيات لن تفلح في إعطاء الصهاينة السلام والأرض معا.. ولن تزيد إلا في تغذية الاحتقان داخل الشعب الفلسطيني ودفعه إلى اليأس ومن ثم الانفجار.. ولينظر الأمريكيون ماذا يريدون.