سعيا الى تجاوز الاشكاليات والخلافات الحاصلة داخل البيت الرابطي، التأمت في الفترة السابقة ولمدة ناهزت الشهرين، جلسات مفاوضات جمعت طرفي النزاع ممثلين في الهيئة المنبثقة عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والمؤلفة من السادة المختار الطريفي وصلاح الدين الجورشي ومصطفى التليلي وخليل الزاوية وأنور القوصري، ومن الجانب الآخر مجموعة الشاكين الطاعنين قضائيا في شرعية المؤتمر الخامس والهيئة التي أفرزها والمتمثلة في الأستاذين الشاذلي بن يونس ورضا الملولي والدكتور عبد الرؤوف الجمل وكاتب المقال، وذلك بإشراف الوسيطين السيدين عبد الوهاب الباهي رئيس المرصد الوطني لحقوق الانسان ومنصر الرويسي رئيس الهيئة العليا لحقوق الانسان. هذه المفاوضات وصلت الى طريق مسدود نتيجة للتعنت والتصلب المفرط الذي أبدته المجموعة المفاوضة باسم الهيئة المديرة للرابطة، رغم ليونة المواقف والتنازلات العديدة التي أبدتها العناصر الشاكية لفض الاشكالات الحائلة دون انعقاد المؤتمر السادس الذي أرادته كل الاطراف وفاقيا بعيدا عن محاولات التهميش والاقصاء والالتفاف والتوظيف السياسي. الا أن البيان الاخير الذي أصدرته الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والذي حمل المجموعة المفاوضة باسم الشاكين مسؤولية فشل الحوار، داعيا اياهم الى العودة الى طاولة الحوار، كان بمثابة الصدمة التي أصابت المتتبعين للشأن الرابطي بمن فيهما الوسيطان، لما تضمنه من تجن ومغالطة مقصودة، الغاية منها التملص من جملة من الالتزامات والاتفاقات التي تم اقرارها بحضور الوسيطين والتي التزم بتنفيذها طرفا النزاع. وهنا وجب توضيح بعض النقاط لانارة الرأي العام الرابطي حتى يتحمل كل طرف مسؤولياته: 1) خلال جلسة 14/4/2010 وقع الاتفاق بين جميع الاطراف وبمباركة الوسيطين على مسودة اطارية تتضمن 4 نقاط أساسية تكون بمثابة خارطة الطريق، منها قبول جميع الاطراف مبدأ التفاوض شريطة المحافظة على استقلالية الرابطة والنأي بها عن الصراعات السياسية والحزبية الضيقة بعيدا عن الاحتواء والتوظيف. 2) خلال جلسة 21/4/2010 تلا النائب الأول لرئيس الرابطة مشروعا تقدمت به الهيئة المديرة ويتضمن اعادة مؤتمرات الفروع السبعة التي هي محل تقاض، على أساس وفاقي، حيث تتم دعوة منخرطي هذه الفروع، ويعقد المؤتمر تحت اشراف الهيئة المديرة، ويقع الاحتفاظ ب 5 أعضاء وتعويض عنصرين بآخرين يمثلان لونين آخرين. وهنا اعترضت مجموعة الشاكين على أساس أن انعقاد هذه المؤتمرات كان بصفة شرعية وقانونية، حيث راسل رؤساء الفروع المذكورة الهيئة المديرة وطالبوها بتحديد موعد لانجاز مؤتمرها. الا أن الهيئة المديرة رفضت ذلك وتجاهلت الدعوات المتكررة الصادرة عن هيئات هذه الفروع وذلك لأغراض انتخابية بحتة لأن هذه الفروع خارجة عن نطاق سيطرتها ولن تستطيع ضمان نتائج الاقتراع بها، فانعقدت المؤتمرات التي كان نصابها مكتملا وأفرزت هيئات فروع، وهنا طلبت مجموعة الشاكين مهلة للتشاور مع باقي المجموعة التي تمثلها، وتم القبول بهذا المقترح عبر التصريح الذي أدلى به الاستاذ الشاذلي بن يونس لجريدة «اللوطون» وتم رسميا اعلام الوسيطين بذلك. 3) خلال جلسة 26/5/2010 التي حضرها الاستاذ الشاذلي بن يونس نيابة عن الشاكين، والسيد رئيس الرابطة نيابة عن الهيئة المديرة وتلاه نائبه الأول خلال جلسة 28/4/2010 حيث تغير المقترح وانقلب من 5+2 الى 2+5 أي الفروع السبعة محل الخلاف، يقع تطعيمها ب 5 أعضاء، وترك عضوين من الهيئة السابقة وهو ما اعتبر تراجعا كبيرا وخطيرا في مسار التفاوض، وكان بمثابة خيبة الأمل التي أصابت جميع الاطراف بمن فيهما الوسيطان. وما وقع توضيحه يفند ما صرح به السيد رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان من تحميل الشاكين مسؤولية فشل جلسات الحوار ومحاولة السيطرة والاستحواذ على الرابطة، وهذا اتهام مردود على صاحبه باعتبار أن مسودة اطار التفاوض نصت على أن الرابطة هي مكسب وطني وجب المحافظة عليه، ومساندتها في القيام بدورها المتمثل في نشر وتكريس ثقافة حقوق الانسان ومبادئ التسامح والتعايش السلمي بين الافراد مهما كان اختلافهم وتعزيز اشعاعها وديمومتها بعيدا عن سياسة الاحتواء والاقصاء والتهميش، وهي من العوامل التي جعلت مجموعة الشاكين تقدم على تقديم العديد من التنازلات وتظهر ليونة فائقة خلال جلسات الحوار رغم محاولات الاستفزاز المتكررة التي تعرضت لها بحضور الوسيطين وأكبر دليل على ذلك التنازل عن مؤتمرات الفروع ال 24 التي أنجزت والتي تم فيها الاعتداء على القانون بشكل صارح عند اعتماد مبدأي الدمج والتقسيم لبعض الفروع التي كانت محل أحكام قضائية. فالحوار والوفاق ليس لهما أن يتحققا ما لم تتوفر النية الطيبة والارادة الصادقة وهذا ما لم يتوفر لدى المجموعة المفاوضة باسم الرابطة والتي اعتمدت الحوار كخيار تكتيكي مرحلي، الغاية منه كسب الوقت وتحقيق مكاسب آنية ضيقة تتيح لها الحصول على قاعدة انتخابية تتيح لها السيطرة على الرابطة متجاوزة بذلك مبدأ الوفاق، وأعتقد أن الاستاذ الفاضل الشاذلي بن يونس الناطق الرسمي باسم الشاكين هو خير دليل على افتراءات رئيس الرابطة، حيث أن العودة الى الحوار يجب أن يتم فيه تقديم التنازلات التي اقترحتها الهيئة المديرة في جلسة 21/4/2010 بطريقة كتابية وليست مشافهة وعبر الوسيطين، والابتعاد عن أسلوب التهميش واقصاء من يخالف الرأي ومن لا يسير في خط التطرف بنوعيه والعمل على تكريس استقلالية الرابطة عبر احترام القانون الأساسي والنظام الداخلي والمبادئ الرابطية التي هي خير ضمان لنشر ثقافة الاعتدال والتسامح وحقوق الانسان.