بنك تمويل المؤسسات الصغرى والموسطة يقدّم قرض بدون فائدة...كيفاش ولشكون؟    غرفة محاضن ورياض الأطفال ترفض ''شدّان الصغار في الدار''    الفنان شمس الدين باشا يهدي بلدية تبرسق جرار    التوانسة في فرنسا يتصدّروا قائمة الحصول على الجنسية الفرنسية    عاجل/ رئيس غرفة القصابين يفجرها ويكشف عن إخلالات خطيرة في شحنات لحوم مبرّدة تمّ توريدها مؤخّراً..    بركان إتنا في جزيرة صقلية: هل تصل تأثيراته إلى تونس؟    كأس افريقيا للأمم المغرب 2025: المنتخب التونسي يواجه نظيره التنزاني من أجل حسم التأهل إلى الدور ثمن النهائي    عاجل : مدرب جنوب افريقيا يصدم المغرب بهذا التصريح    عاجل : وفاة صاحب أغنية ''أخواتي'' الشهيرة في سن صغير    هام/ 6 مؤشرات أساسية لتطمئن على صحة قلبك..    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": برنامج مقابلات اليوم    الليغ 1: نيس الفرنسي يعلن رحيل مدربه    اليوم: ملف التسفير أمام الاستئناف    غلوب سوكر 2025: نجم باريس سان جيرمان يتوج بجائزة أفضل لاعب في السنة    برشا ماتشوات اليوم: اليك شكون ضدّ شكون الوقت والقنوات الناقلة مباشرة    لحظات صادمة في كأس الأمم الإفريقية.. حارس السودان ينهار على أرض الملعب    فار من السجن..تفاصيل الاطاحة بمجرم خطير..#خبر_عاجل    مصنفان بالخطيران جدا ... "مونتيتي" و"الزبراط" في قبضة عدلية سيدي حسين    اتصالات ومهلة وزيارة سرية: "كواليس" تكشف لأول مرة عن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال..#خبر_عاجل    أسعار الخضر واللحوم والأسماك في أسواق العاصمة اليوم    عاجل : أول عملية اعوجاج العمود الفقري للأطفال ناجحة في سبيطار القصاب ...تفاصيل    عاجل: هذا اللاعب سيحرم من المشاركة في ماتش تونس ضدّ تنزانيا    أحمد العميري: وجود إخلالات خطيرة في شحنات لحوم مورّدة ومبرّدة وردت مؤخرًا    عاجل/ اثر زيارة غير معلنة للوالي: انهاء مهام هذا المسؤول..    عاجل/ وفاة طفلة دهستها حافلة قرب شلالات بني مطير..التفاصيل الكاملة للحادث..    عاجل: العثور على جثة تونسي في فرنسا...ابنه يعترف بجريمته    عاجل/ بعد جريمة الأسبوع الماضي: "براكاج" جديد يستهدف سائق تاكسي..وهذه التفاصيل..    شنيا حكاية ''الكار'' تنزلق في شلالات بني مطير: تلميذة ضحية حادث مأساوي    مواجهات بين الشرطة التركية وعناصر من داعش..#خبر_عاجل    جدل واسع بعد حفل رادس : تذاكر مرتفعة وشكاوى من سوء التنظيم    عاجل/ اليوم.. القضاء ينظر في الاعتراض المقدم من طرف أحمد نجيب الشابي على الحكم الصادر ضده..    QNB ينظم ورشة مالية لتلاميذ مدرسة "الشاذلي خزندار" الابتدائية بالزهراء    شوف شنوا تاكل باش تقوي مناعتك في الشتاء    كيف سيكون طقس اليوم 29 ديسمبر؟    المكسيك: 13 قتيلا وعشرات المصابين بعد خروج قطار عن مساره    قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على مناطق في غزة    ترامب يحث زيلينسكي على تسريع عقد اتفاقية سلام ويحذر من خسائر جديدة في الأراضي    القيروان: اعتداء جديد على سائق تاكسي فردي يثير مخاوف مهنيّي القطاع    إندونيسيا: وفاة 16 شخصا في حري بدار للمسنين    إقبال متزايد للحرفاء بالمنطقة السياحية طبرقة عين دراهم ... والسياحة الداخلية تتصدر عدد الوافدين والليالي المقضاة    ما بقي من مهرجان «خليفة سطنبولي للمسرح» بالمنستير...ذكاء اصطناعي وإبداعي، مسرح مختلف وتفاعلي    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    بعد فضيحة الفيديوهات.. هيفاء وهبي تعود إلى مصر    عاجل/ أول بيان رسمي لتونس حول اعتراف الكيان الصهيوني بإقليم أرض الصومال..    البنك الوطني للجينات يقوم بتركيز ثلاث مدارس حقلية بولايات سوسة وصفاقس وبنزرت    طقس الليلة    النيابة تأذن بإيقاف صاحب مطعم بسوسة يخزّن أسماكا غير صالحة للاستهلاك    توزر: إشكاليات تراث جهة الجريد وسبل تثمينه في ندوة فكرية بعنوان "تراث الجريد بين ضرورة المحافظة ورهانات التثمين المستدام"    فيلم "فلسطين 36" في القاعات التونسية بداية من الأربعاء 7 جانفي 2026    نابل: "العلوم الإنسانية والاجتماعية بين تحديات التحول الرقمي وفرص تحقيق التنمية المستدامة "محور أعمال منتدى تونس الثاني للعلوم الإنسانية والاجتماعية    علاج للسرطان.. من أمعاء الضفادع...شنيا الحكاية؟    وفاة الممثلة الفرنسية بريجيت باردو عن عمر يناهز 91 عاما    تونس تودّع سنة 2025 بمؤشّرات تعافٍ ملموسة وتستشرف 2026 برهان النمو الهيكلي    مرض الأبطن في تونس: كلفة الحمية الغذائية تثقل كاهل المرضى والعائلات محدودة الدخل    استراحة الويكاند    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من نافذتي: خلخال زينة

جعلني الرسم الذي بين يديّ افترض أنه لفتاة تمددت على بطنها حاسرة ثوب نومها الخفيف فلا يظهر منه فعليا الا الركبتان المحاطتان بحواشي الدانتيل، ثم الساقان الربلتان في وضع عمودي، كأن صاحبتهما مسترخية تقرأ او تلهو ببعض أشيائها، أما سائر الجسد فغائب عن الصورة. هذا ما شاهدته على غلاف رواية شرقية وقعت في يدي منذ أيام، في نفس فترة مطالعتي لكتاب «الخلخال» للأديب الفنان حسنين بن عمو، فتمنيت لو ان كان الغلاف له هو، مع اكساء احدى ساقي الفتاة بخلخال ذهبي مرصع بالحجارة الكريمة، كما وصفه في الرواية. فلربما كانت صورة الغلاف وحدها تكفي للإيحاء بمضمون الرواية اكثر من الصورة الكئيبة لخرائب تونس القديمة التي اختارها. وربما ايضا نشطت عواطف القارئ التونسي واستحضرت لخياله صورا من زمن كانت النساء فيه تعتبر الخلخال أجمل الحليّ وأعلاها قدرا، كما يعتبره الرجال الاكثر اثارة ووشوشة بالحب والرغبة
لدينا شواهد من الشعر الشعبي تتغنى برنين هذه القطعة الذهبية ومفعولها في قلوب العشاق بقيت منها في الذاكرة كلمات أغنية بدوية تقول:
خلخال عيشه ويبان
في المحفل صوته رنّان
وأخرى من أغاني يوسف التميمي الشهيرة:
خلخال ذهبي يرن تحت الفارة
في ساق طفلة معاصم البلاّرة
كذلك مما تركه الهادي الجويني ومازال شباب اليوم يرددها رغم اختفاء الحنّة وقلة القادرين على شراء الخلخال لعرائسهم في عصرنا أغنية مطلعها:
خلخال بورطلين غوف الحنّة
من بعد الميلين تسمع رنّة
وهناك أخرى مازالت عالقة بذاكرة التوانسة بدوا وحضرا.
جرّنا الحديث عن الخلخال المثير للذكريات المنبّه للخيال فأنسانا الى حين الرواية الجديدة لحسنين بن عمو وعنوانها «الخلخال» الذي أعتبره بطل الاحداث كلها، لدورانها حوله على امتداد 230 صفحة. فهل كان الخلخال لغز الرواية المحوري؟ هل كان عربون حب أحمد لزينة... أم طالع شؤم على الاثنين؟ هل كان كما قالت هنية خادمة زينة وأمينة سرّها «قطعة من الحليّ الحرام، لأنه ما ان وقع في يد أحمد الاشهب حتى كانت سقطته المدوية وضياعه وضياع أهله وضياع زينة»؟
لقد علم باي الأمحال الذي جاء يجمع المجبى من عروش الكاف ان بالمدينة امرأة في قمة الجمال تدعى زينة عرض بعض صعاليك البدو على الأمير ان يدلّه على مكانها ويغريها نيابة عنه بالمال والذهب لتنضم الى حريمه مقابل ان يعفو عن قبيلته العاصية والممتنعة عن دفع متخلّف المجبى. ولما قبل باي الامحال المقايضة أرسل مع البدويّ ضابطا من ثقاته ليفاوض المرأة، هو أحمد الأشهب. واذا بالرجل يقع في حب من جاء يخطبها للباي ويقرر الاستئثار بها لنفسه. كما يكشفه هذا المقتطف من الحوار.
«هل أعجبك أنا أحمد الاشهب أم يعجبك الباي وأنت لم تريه بعد؟... هل تخيّرين عليّ رجلا مجهولا وأنا أمامك؟»
«أختارك أنت يا سيد أحمد... على شرط (...) أريد خلخالا ليس بالخلاخل المعهودة.. خلخال لم تلبسه امرأة غيري. خلخال حملت به وتخيلته كثيرا، ولن يستطيع صنعه الا صائغيّ ماهر ولن يقدر على ثمنه الا قادر»
وتمضي الأحداث فيتغيّر اسم زينة في أواسط الرواية الى خيرة لتعود الى اسمها الاصلي في النهاية، وتحقق كثيرا من أحلامها، اثر نكبات عديدة واغتراب وقهر. لكن أحمد الاشهب لن يتمتع طويلا بحبيبته التي عصى من أجلها مولاه وأنفق كل ثروته وهجر عائلته وأبناءه، بروي المؤلف كل ذلك وسط خضمّ من الأحداث المثيرة المتشابكة الى درجة الانغلاق أحيانا، مما قوى عنصر التشويق في هذا العمل وحجب أسراره أو أغلبها فلم تنكشف الا في الصفحات الاخيرة ولا ننوي في هذه النافذة كشفها.
تأثثت الرواية بشخصيات كثيرة من مختلف الطبقات وعرّفتنا بصنوف من البشر لا يجمعهم جامع، فمن أمير حكم بأمره الى صائغ يهودي، الى صعلوك بدويّ، الى ضابط في حرس الباي، الى غانية لعوب تصرفت فيها الأقدار أكثر مما تصرّفت هي بقلوب عشّاقها، الى جانب عشرات الشخصيات الثانوية الاخرى. اجتمع في هذه الرواية ايضا جيلان فامتدت في ظرف زماني طويل، كما تمددت في الظرف المكاني أيضا بتنقلها جغرافيا بين سوق الصاغة في تونس (... كانت سوق الصاغة حافلة هذا الصباح كعادتها في أيام المواسم والاعياد، فقد كثرت فيها الجلبة وارتفع صياح الدلالين) وبين مدينة الكاف (... وقف أحمد الاشهب قرب أحد أبراج القصبة (...) اجال بصره في الفضاء الواسع ثم خطّه على ديار الكاف وبالخصوص على مقامات أوليائها وصوامعها واثارها التي تحكي عراقة المكان) وبين جزيرة قرقنة (وصل المركب سالما الى أطراف جزيرة قرقنة، وكان في استقباله قائد برج الحصار)، ثم عودة الى العاصمة في آخر الرواية (مضى عمار يتاجر في الصوف (...) حتى استقرّ نهائيا بسوق الصوف بالحاضرة وفتح مخزنا كبيرا).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.