... أمّ ملتاعة نفد صبرها وأدمت الدموع الحارة عينيها من فرط النحيب على البنت «فاطمة» وأب هائم شارد الذهن وإخوة حائرون يتساءلون وكأن الحادثة جدت بالامس رغم مرور أكثر من 40 سنة على اختفاء ابنتهم فاطمة بن رباح في ظروف غامضة من أحد مستشفيات صفاقس. مأساة هذه العائلة القاطنة بمدينة عڤارب من ولاية صفاقس انطلقت كما جاء على لسان الشقيق كمال بن رباح بإصابة المفقودة فاطمة بن رباح سنة 1967 بمرض السعال وتحديدا يوم 19 فيفري وكان عمرها وقتئذ يناهز العامين فحملتها والدتها المسماة فضّة بن عمار الى أحد مستشفيات صفاقس آملة أن تتعافى من هذا الداء وقد تكفّلت احدى الممرضات آنذاك برعايتها بقسم الاطفال بالمستشفى ذاته بل وتكفلت أيضا بإيواء الأم في بيتها بصفاقس نظرا لندرة وسائل النقل في تلك الفترة. وفجأة اختفت عادت الممرضة من العمل وأعلمت الأم بضرورة مرافقتها صباحا لارضاع البنت وطمأنتها على صحتها وبعد ليلة من الانتظار ببيت الممرضة قصدت الأم المستشفى صباحا على أمل أن ترضع ابنتها ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان إذ لم تجد أثرا لها. ولما كانت الأم بمفردها حاولت الاتصال بمكتب إرشادات المستشفى فأعلموها بوفاة ابنتها وأجبروها على حد قولها على الامضاء فاستسلمت للامر الواقع وما كان عليها سوى المطالبة بجثمان ابنتها ولكن تم طردها فقفلت راجعة الى مدينة عڤارب والألم يعتصر قلبها. محاولات يائسة الأب «المبروك» اتصل فورا صحبة أشقائه بالمستشفى مسرح الحادثة مسخّرا سيارة لحمل الجثمان فجنّ جنونه وحاول بكل الطرق الوصول الى حل مع ادارة المستشفى وقتها فلم يجد ما يشفي غليله ولم يعلموه إن كانت فاطمة حيّة ترزق أو توفّاها الأجل وهو الذي لم يكن يريد سوى كلمة تشفي غليله. الأب الموجوع بغصة تسدّ حلقه حتى الآن ورغم اتصاله بكل الدوائر الصحية والأمنية والمقابر في كامل ولاية صفاقس فإنه لم يجد لابنته أي أثر وكأن الارض انشقت وابتلعتها ولكل هذه الاسباب والحيثيات ظلت الوساوس والظنون تملأ رؤوس أفراد هذه العائلة كبيرا وصغيرا. لماذا الآن ؟ شقيق المفقودة الهادي بن رباح هو أول خيط أوصل «الشروق» الى تفاصيل هذه الحادثة الغريبة وهو ربما الأقرب والأكثر إحساسا وألما على أخته المفقودة والتي قد تكون حسب إحساسه على قيد الحياة. يقول إنه يجد بدّا من الاتصال ب«الشروق» لمساعدة أفراد عائلته على إيجاد شقيقته ميتة أو حية. وعن أسباب إعادة إحياء هذه الحادثة بعد صمت أو هدنة طويلة أخبرنا أن برامج الواقع التي أصبح يطرحها التلفزيون التونسي أحيت فيهم الأمل من جديد كما أن صحيفة «الشروق» يمكن أن تكون لهم جسر الأمل الأخير بينهم وبين المفقودة. أما الأب المبروك فقد عبّر في كلمة ل«الشروق» عن أمله في أن تصحو الضمائر ليعرف أخبارا عن لغز فقدان ابنته من قبل الاطار الطبي وشبه الطبي وكل العاملين بمستشفى الهادي شاكر بصفاقس زمن الحادثة الموافق ل19 فيفري 1967 مضيفا أنه رغم مرور 43 سنة تقريبا لايز ال الأمل في العثور عليها قائما.