«من مذكرات نزيل بالمستشفى الجهوي ببن عروس» تمهيد من يزرع الموت يُجزى بقدر الموت فناء لا يبقي ولا يذر!... ومن يزرع الحياة مُجزاه حياة لا تفنى لأنها الأبد دخول رفّ الحمام بجناحي سلام رفّ الحمام! هطل بهديله... بهديله هطل الغمام! لبّ الحكاية في هذه الغرفة البيضاء، نزلت وبي... للموت اظافر تنهش جسدي أنا الآن استقل فراشا تثقلني آلام أوجاع، ما مثلها وجع! مضناها... مضناها لقد كانت تمزّق الأحشاء... خرّ لها البدن(1) في هذه الغرفة البيضاء هنا نزل الحمام ملائكة من سلالة الارض، لا يأخذها السبات جداول انسابت بيننا، ماء من الرحمة!... فاضت لتجرف... الموت منخذلا: أنفاسنا رُدّت إلينا والروح ضاعت بدفق من حياة! (2) (1 ماي 2010) انزياح أوّل طائرة... قد اخترقت اجواء المدى فوق بناية المستشفى لأزيزها زلزلة! رعد... لعلع فجأة في عنان السماء، وبرق قد أومض كاشراقة الروح في هامة(3) أوّاه كم هي عليله! الليل مدركه الصباح! وأنا هنا، في غرفتي البيضاء ممتزجا بآلامي... من روحي أغزل قطرا لتلك الغمامة الضليلة!(4) ربّما... ربّما سأنزل غدا، دمعة يذرفها الشتاء على أديم هذه الارض التي... لكم أحبتنا! أساقيها الهوى، فيمتلئ الثرى جوفها خضابا!(5) (2 ماي 2010) ربّما... تسبقني احلامي غدا، الى معترك في الحياة، فتبني لها عشا منيعا في عبير الوردة! ربّما... تنقف افكاري(6) أنجما... وطيورا تغرق الدنيا بأناشيد المحبّة! انزياح ثان أوّاه... يا ا&... يا لقسوتها هذه الاوجاع، يا لقسوتها لقد اثقلتنا بأوزارها! تكاد تهدم الجسد... هذه الاوجاع!، هذا الجسد ما عاد يحتمل! إنّي أحبّك يا ا&... وإني الآن... أخطّط للقاء وجهك وقتما مشيئتك تشاء! (3 ماي 2010) انزياح ثالث كنت ألقاك يا ا& في ذاتي وفي كل ذرّة مما خلقت، كنت ألقاك... في أحاسيسي وفي نفسي!... كنت ألقاك في يقظتي او منامي وفي طفرة هذا المدى بالضياء والظلام!... كنت ألقاك في كل ما يأتي به عبّادك من إنس ومن عجم! لكنني يا ا&: خلقتني بشرا، فوا أسفي!... حينا من الزمن أكون في غفلة من أمري، فيعجلني! آهات... آه هنا، آه هناك... يا مسكن الآهات، هل تسكّنها؟!... تتوهّج بالرحمة... امتدّت أياد الى الجسد جل محركها: تتحسّس موطئ الآه... تكشف مواطن الداء... كل الآهات قد سكنت جل مسكنها! (4 ماي 2010) آهات... أوجاع!... «الى العم خميس نزيل نفس المستشفى الذي نزلت فيه وكان يقيم بجواري بنفس الغرفة. وقد توفّي رحمه ا& إذ لم يتحمّل جسده اوجاع أكثر من مرض...». الأوجاع تتلوها الاوجاع أوجاع... أوجاع... أوجاع! الآهات تتلوها الآهات... آهات... آهات... آهات...! وهن الجسد ما بقيت فيه من الروح إلا حشاشات! (7) في الجثّة سكنت كل الانفاس، سكنت كل الأوجاع وكلّ الآهات!... انهار الجسد انهار... انهار... انهار، ما عادت فيه حياة! (6 ماي 2010) ملاحظة: هذه النصوص كتبت خلال اقامتي بالمستشفى الجهوي للحروق ببن عروس على اثر اصابتي بتوعك صحي، أهديها الى من رمزت اليهم بجداول الرحمة تفيض علينا بمائها وهم: كل الاطباء ومساعدوهم من المتربصين من الجنسين. كل من الممرضين والممرضات والعاملين والعاملات مع شكري لهم جميعا على ما يتحلّون به من نبل أخلاق ومن آداب الواجب مما يجعلنا نفتخر بهم ونعتز بكفاءاتهم في أداء مهماتهم الصعبة والحساسة. 1 خرّ البدن اي استسلم من شدة الألم 2 ضاعت: بمعنى ارسلت ضبوعها أي عبيرها 3 الهامة هي الجثة الجسد 4 الضليلة بمعنى الضائعة 5 خضابا: ما يدلّ على الخضرة اليانعة والخصب 6 تنقف: تنقف البيضة أي تنشق فيخرج منها نقف أي فرخ فلوس. 7 حشاشات: ج. حشاشة أي نبذة / جزء قليل