يعتبر المناضل عزوز الرباعي مناضلا من كبار مناضلي تونس وزعمائها، ساهم بقسط كبير في حركة الكفاح التحريري، في كل مراحله البطولية الرائعة، وفي مختلف المنظمات الشبابية والكشفية وفي صفوف الحزب الحر الدستوري الجديد ثم بعد الاستقلال كان له دور كبير في تحمل مسؤوليات حكومية ليناله بعد ذلك شرف الانتماء الى السلطة التشريعية في مجلس النواب، والاضطلاع بإدارة عدّة مؤسسات وطنية منها الطبع والنشر، خاتما حياته بالانخراط في مسيرة التغيير وتعيينه مشرفا على الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي. ولد عزوز الرباعي في 19 جوان 1919 في عائلة مناضلة ودرس على يد ثلّة من المعلمين والأساتذة فغذوا وجدانه بحب الوطن والذود عنه.. وواصل دراسته ليصبح محاميا وشارك في تأسيس الكشافة الاسلامية والشبيبة المدرسية وجمعية الشبان المسلمين بين سنة 1931 وسنة 1934، لينخرط في صفوف الحزب الحر الدستوري الجديد، منذ سنة 1936، فبدأ نضاله الميداني بلهب الحماس في جموع الشباب بخطبه الحماسية الملهبة للمشاعر، الحاثة على مقاومة الاستعمار الفرنسي الى أن اعتقل في مظاهرة يوم 9 أفريل 1938 واتهمته السلط الاستعمارية بمعية المناضل مصطفى بن العربي الهاشمي بتحريض الشعب على التظاهر في وجه الاستعمار بقولهما: «لا تخافوا الى الأمام، كونوا شجعان». وكذلك محاكمته بالمحكمة العسكرية بتهمة موازية تتمثل في مشاركته في مظاهرة لمنع بث شريط صهيوني عنوانه «الأرض الموعودة»، فكان بذلك أصغر سجين ضمن المعتقلين من الزعماء والمجاهدين والمناضلين آنذاك. ولما خرج من السجن، عاد الى مقاومة الاستعمار من جديد وكان يتنقل صحبة رفقائه أو وحده بين مختلف جهات البلاد يدعو الى الانخراط والمساهمة في الحركة التحريرية بفضل قوة خطبه وفصاحة لسانه وما يتمتع به من صوت جهوري وهو ما بوأه ليتحمل عن جدارة مسؤولية الدعاية في الحزب وقد كان كثيرا ما يراوغ السلطات الفرنسية وأعوانها الذين كانوا يلاحقونه الى حدّ أن أطلقوا عليه لقب «الثور الأشهب» وعلاوة على نضاله البطولي في القضية الوطنية التونسية، فقد كان الراحل عزوز الرباعي نصير فلسطين والجزائر في محنتيهما، فكان عضوا في لجنة إعانة فلسطين منذ 1936، واضطلع بمهمة مساعدة الثورة الجزائرية إبان اندلاعها في 1 نوفمبر 1954 وحتى بعدها. وتعجيلا باندلاع الثورة المباركة في 18 جانفي 1952 تواصل نضاله وإشعاعه داخل الوطن وخارجه، حتى أنه زار القاهرة واتصل بأعضاء مكتب المغرب العربي وبالأمين العام لجامعة الدول العربية، حسونة باشا في أواخر الأربعينات من القرن الماضي قصد مزيد كسب تأييد الشعوب العربية لتونس والمغرب والجزائر وما كاد يحصل اتفاق بين الحزب الحر الدستوري التونسي والسلط الفرنسية على الاستقلال الداخلي في شهر جويلية سنة 1954 ودعوة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة في غرة جوان سنة 1955، حتى أصبح المناضل عزوز الرباعي أحد أبرز رجال الثورة والدولة الجديدة اذ تقلد مسؤولية وزارة الشباب والرياضة في أول حكومة تونسية بعد 20 مارس 1956 موعد الاستقلال التام وأصبح عضوا في المجلس القومي التأسيسي من 1959 الى 1964 ثم أعيد انتخابه سنة 1981 وكذلك سنة 1989 في عهد التغيير، ومن اللافت للانتباه أن المناضل الراحل كان أحد أعضاء اللجان الخاصة التي تشكلت لاعداد أول دستور وطني تونسي بتكليف من الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. وقد كان المرحوم ذا صوت مسموع في رحاب مجلس النواب حيث كان يعبر بحق عن طموحات الشعب بطريقته الذكية والطريفة وأسلوب حديثه الشيق والمقنع في نفس الوقت وكذلك نشاطه المتميز بالحزب داخل اللجنة المركزية وفي لجان التنسيق والجامعات الدستورية والشعب فهو مثال المناضل الميداني الوطني الغيور، فهو شديد التعلق بحزب الاستقلال والتغيير، والقادر بفصاحته وبأسلوبه المقنع على تعبئة الجماهير في الاجتماعات وفي المنتديات وفي الجامعات الصيفية وحلقات التكوين السياسي الحزبي. وقد تولى في السبعينات من القرن الماضي مسؤولية الدارالتونسية للنشر سنة (1971) ومديرا عاما للشركة التونسية للتوزيع، فساهم في نشر الثقافة التونسية والتعريف بها لدى الأجيال الجديدة حتى يتمسكوا بهويتهم الوطنية ويعتزوا بالإرث الثقافي والعلمي في تونس الوطن.