تراجع عدد الوافدين من أوروبا للسياحة ب10،6٪ بين سنتي (2008 2010) وتراجع مجموع السياح من مختلف البلدان والجنسيات ب2٪ مقارنة بالسنة الماضية. والتراجع أصبح ظاهرة تؤرّق أهل المهنة وتضر باقتصاد البلاد سيما وأن الارقام تؤكد ذلك خاصة في السياحة النوعية كالالمان الذين تراجع عددهم ب13،4٪. وفي المقابل أهل المهنة يتخبطون في مديونية قياسية أضرّت بجودة الخدمات فيما المواطن يشكو دائما من ارتفاع كلفة السياحة الداخلية وسوء المعاملة مقارنة بنظيره الاجنبي. وفي خضم كل هذا تسهر الهياكل المعنية على إيجاد الحلول الملائمة لاستعادة الصورة الجيدة لتونس كوجهة سياحية كانت هي الافضل خلال العشرية الماضية. ونظرا لدور المهنة في النهوض بالقطاع من جديد وتحسين مردوديته وتحقيق المصالحة مع السائح الاوروبي كأهم حريف والسائح التونسي كحريف له الحق في التمتع بخيرات بلاده ارتأت «الشروق» إجراء حوار مع السيد محمد بلعجوزة رئيس الجامعة التونسية للنزل. الى ماذا يعود حسب رأيكم تراجع عدد الوافدين من السياح خلال السنوات الاخيرة؟ تراجع عدد الوافدين من السياح من مختلف الجنسيات خاصة الاوروبية أسبابه عديدة لعل أهمها حرب الخليج ثم حادثة الغريبة بجربة والازمة المالية العالمية التي أثرت على مستوى النوع والكم السياحي ولا ننسى المنافسة الشرسة التي تواجهها سياحتنا حاليا من أسواق جديدة كتركيا والمغرب وكذلك أسواق أخرى معروفة كمصر لأن هذه الاسواق تخصص مداخيل هامة للقيام بالحملات الاشهارية والدعاية بينما لازلنا في تونس في مستوى ضعيف جدا مقارنة بهم حتى أن الميزانية المخصصة للاشهار لا تتجاوز ربع ميزانيتهم والمهنة غير قادرة على القيام بأي إجراء بمفردها سيما وأنها تواجه معظلة المديونية وذلك رغم التفهم الكبير للادارة، في مستوى التعاون والتشاور. على ذكر المديونية ما هو الجديد في مستوى تسوية هذا الملف الشائك بالنسبة الى المهنة والادارة على حد سواء؟ مديونية القطاع في تفاقم وكل الاطراف متفقة حول هذا الاشكال وهناك مساع لايجاد حل لها ولكن نتمنى كجامعة أن يتم اتخاذ قرار واقعي وشجاع في القريب العاجل وإيقاف اللجان التي تتكون في كل مرة وتجلس للنظر في الملف دون نتيجة تذكر. والمديونية أيضا صنفان: الاول يهم النزل التي تعاني من تراجع مداخيلها جراء الاسباب التي ذكرتها والثاني يهم مجموعة من الباعثين الشبان الذين استثمروا في الحمامات الجنوبية وبالجنوب التونسي وكان مآلهم الفشل وعدم القدرة على استخلاص قروضهم حتى أن البنوك المموّلة لمشاريعهم في حيرة من أمرها حاليا رغم وجود أحكام ضد أصحابها. ونحن بصدد التفكير في حل لهذه الاشكالية ودراسة الوضع بأخذ جميع الحيثيات بعين الاعتبار لأنه بعد 10 سنوات تفاقمت الامور لتصل الى حد «تكسير» الاسعار والنزول بها الى حد النصف مما أضرّ بأهل المهنة من الشمال الى الجنوب. تراجعت مكانة تونس خلال السنوات الاخيرة كوجهة سياحية هامة خاصة للاوروبيين والالمان على وجه التحديد فما هي الاجراءات الممكن اتخاذها حسب رأيكم لاستعادة الصورة المضيئة؟ صحيح أننا في السابق كنا نتمتع بموقع خاص على مستوى البحر الابيض المتوسط بصورة عامة لكن هذه المكانة تراجعت خلال السنوات الاخيرة واتجه سيّاحنا نحو أسواق أخرى منافسة وذلك بسبب ضعف الامكانيات المادية كما قلت المخصصة للاشهار وهنا تمّ اقتراح تدعيم الترويج بتخصيص بين 4 و5٪ من عائدات السياحة للاشهار. كما أكد سيادة الرئيس زين العابدين بن علي في محضر جلسة على مشاركة كل المنتفعين من القطاع السياحي في صندوق النهوض بالمنتوج السياحي من شركات الطيران والبنوك والمطاعم السياحية والموانئ البحرية والجوية. والصندوق الى حدّ هذه اللحظة لازال مموله الوحيد هم النزل ووكالات الأسفار. وأضفنا اقتراحا جديدا وهو توظيف معلوم على الدخول الى تونس بالمطارات والموانئ بما من شأنه تعزيز موارد الصندوق. وإذا أردنا فعلا استعادة صورة تونس سياحيا فلا بدّ أن نعمل على تدعيم ميزانية الدعاية وحلّ إشكال المديونية. تغيّرت اهتمامات السائح وتغيّر تبعا لذلك نوع المنتوج الذي يرغب فيه فما هي إجراءاتكم لمواكبة هذا التغيير؟ فعلا متطلبات السياحة تغيّرت حيث لم تعد فقط تلك المرتبطة بالبحر والشاطئ والشمس بل تتجه حاليا الى السياحة البيئية حيث امكانية الاطلاع على خصوصيات الجهات وعاداتها وتقاليدها كما أن السائح اليوم أصبح في حاجة الى وجهة عائلية ليقيم هو وأفراد العائلة وهذا حسب رأيي يمكن تحقيقه وذلك بتحسين المنتوج من خلال تحسين الجانب النوعي فيه والاجراءات التي تمّ اتخاذها على مستوى الجامعة هي انتهاج سياسة تكوين الاطارات والعملة وتأهيل النزل. لوحظ خلال السنوات الأخيرة توافد سياح فقراء اعتبرهم البعض مصدرا لاستغلال ثرواتنا بلا فائدة فماذا عن سياحة الأثرياء في تونس؟ صحيح أن هذه الشريحة تتمتع بكل ما تنعم به بلادنا من مواد وأسعار مدعومة ولكن شئنا أم أبينا هم حرفاؤنا في وقت يعز فيه توافد الحرفاء (أشهر الشتاء خاصة). وسياحة الأثرياء لا يتوفر لها الاطار اللازم في تونس خارج النزل لأن السائح الثري يواجه منذ نزوله بالمطار اشكال «التاكسي» الذي سيقلّه الى النزل ثم التنشيط والملاهي التي يستطيع من خلالها أن يرفّه عن نفسه والسياحة البيئية يمكن أن تكون توجّها جديدا لاستقطاب السياح وعموما نحن مطالبون بإيجاد طريقة لإعادة استقطاب السائح الأوروبي بصفة عامة حيث تراجع عددهم الى حدود 5 ملايين سائح فيما نحن قادرون على استقطاب 10 ملايين. السائح التونسي يشكو دائما من سوء المعاملة وأفضلية السائح الأجنبي عنه فما هو ردّ الجامعة كممثل للمهنة؟ نعم يشكو السائح التونسي من سوء المعاملة والجامعة ليست غافلة عن ذلك، وذلك باتخاذ اجراءات المهنيين والتدخل الحازم في حال التثبّت من المخالفة كما قامت بوضع إجراء يتعلق بالتخفيض بنسبة 30٪ في أسعار الحجز للتونسيين الذين يتقدمون بصفة فردية للنزل بينما هذا الامتياز لا يتمتع به الأجانب. رمضان على الأبواب بما فيه من خصوصيات فما هي استعداداتكم؟ قمنا بتحسيس أصحاب النزل بأخذ خصوصية توقيت الافطار والسهر ليلا بعين الاعتبار واحترام كذلك نوعية الأكلات التي يحبّذها المسلم خلال هذا الشهر. وأدعو بقية الهياكل المعنية الى مسايرة هذا الاتجاه بالتنشيط وبثّ الحياة في العاصمة والمدن السياحية. اطّلع الرئيس بن علي على مثال مصغّر ل«دار السياحة» مؤخرا فماذا عن بداية الانجاز؟ اطلاع سيادة الرئيس زين العابدين بن علي على مثال المشروع هو حدث هام في حياة الجامعة ليعطي دفعا لبداية الانجاز لا سيما وأنه أذن منذ سنة 2002 بوضع قطعة أرض على ذمة الجامعة لبناء مقرّها. وهذا المشروع الرئاسي الذي لا مثيل له على مستوى عالمي حيث لم توجد دار «للسياحة إلا في تونس سوف يحتضن الجامعة التونسية للنزل والجامعة التونسية لوكالات الأسفار وهو مفتوح لكل من له علاقة بالسياحة، وكلفته 6 ملايين دينار والتاريخ المحدّد لإنجازه هو سنة ونصف».