بعد الكلام القاسي الذي وجّهه محمود أحمدي نجاد الى الرئيس الروسي ميدفيديف، نددت روسيا بشدة بموقف الاتحاد الأوروبي القاضي بفرض عقوبات جديدة على طهران، وبموجبها يحظّر الاتحاد أي استثمار أو مساعدة تقنية أو نقل تكنولوجيا خصوصا في ما يتعلق بتكرير النفط وتسييل الغاز، واعتبرت موسكو أن هذا الأمر غير مقبول وهو لا يزعزع الجهود المشتركة لإيجاد حلّ سياسي ديبلوماسي فحسب، بل يظهر تجاهل الاتحاد الأوروبي لمضمون قرار مجلس الأمن بهذا الشأن. ومما لا شك فيه أن هذا الموقف القومي من روسيا لا يأتي نتيجة لهجوم نجاد على ميدفيديف بل هو يأتي نتيجة لتصور موسكو لمعالجة الملف الايراني لا أكثر ولا أقل. وهو تصوّر يعتمد على الحوار والتأنّي ثم اغراء ايران بالكشف عن كل برنامجها النووي، وجعل إيران تتراجع عما يمكن أن يحتويه من مخاطر أو ممنوعات بدون اللجوء الى المنطق العسكري والتهديد الأمني المباشر. وبما أن ملف إيران أصبح دوليا فإنه لا بدّ على دول العالم الرئيسية أن لا تتخذ مواقف أحادية في هذا الصدد ولابد من تنسيق المواقف في حالتي التهدئة او التصعيد. وما اتخذه الاتحاد الأوروبي من قرارات أحادية الجانب يمكن أن تبعثر السياسات الخاصة بالملف المذكور، وأن تجعل ايران تشرد في طريقها الحالي وتستند في ذلك الى فوضى السياسات الموجهة ضدها مما يزيد الأمور تعقيدا وخطورة. وهو ما لا تقبل به روسيا خصوصا أن مصالحها في ايران كبيرة حتى إن صرّح رئيسها بأن ايران سائرة صوب التصنيع العسكري النووي. فهو صرّح بذلك بغاية الضغط على ايران وليس بنية التحريض ضدها والاستنفار للحسم معها عسكريا.