شنّ الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد هجوما عنيفا على الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف، واتهمه بأنه تحول الى «ناطق باسم أعداء» ايران. ليس هذا فحسب، فقد اعتبر تصريحات ميدفيديف قبل نحو أسبوعين والتي قال فيها إن إيران تقترب من الحصول على قدرات نووية، اعتبر تلك التصريحات انقلابا في الموقف الروسي ونوعا من «الجبن». واسترسل نجاد في اتهاماته للقيادة الروسية بخدمة المشروع الامريكي الصهيوني والحملة الشرسة على إيران، معبرا عن أسفه لانخراط ديميتري ميدفيديف في هذه الحملة وتحوله الى «ناطق باسم هذه الخطة المدبّرة من قبل أعداء طهران». وقد جاءت تصريحات نجاد العنيفة متأخرة نسبيا عمّا كان متوقعا، على إثر تشكيك الرئيس الروسي في سلمية البرنامج النووي الإيراني.وكان محمود أحمدي نجاد عبر عن أسفه في الأيام القليلة الماضية لمصادقة روسيا على مشروع العقوبات الغربية على إيران، من دون أن يتحامل على القيادة الروسية. والليلة الماضية خرج عن صمته، مهاجما شخص الرئيس الروسي، وكال له سيلا من الاتهامات. لعبة مصالح والموقف الروسي من البرنامج النووي الايراني كان الى حدّ ما متوازنا، الا أن تزكية القيادة الروسية لمشروع العقوبات وتعليق صفقة صواريخ «اس 300» التي كان يفترض أن تحصل عليها ايران، جعل القيادة الايرانية تستشعر «غدرا» روسيا بها، تماما كما حدث مع العراق حين تخلت موسكو عن حليفها الراحل صدام حسين. ورغم الاتفاقيات التجارية الهامة بين موسكووطهران، الا أن «لعبة المصالح» دفعت الاولى على ما يبدو الى تغيير موقفها وادارة ظهرها لحليفها التقليدي. وكما هو معلوم للسياسة والمصالح حساباتها الخاصة، تتغير دائما وفق ما يقتضيه الظرف، والظرف الحالي يقتضي وفق الرؤية الروسية التصالح مع أمريكا على حساب إيران. ودون الخوض في تفاصيل الصفقة الأمريكية الروسية، وانعكاساتها على طهران، تبدو المرحلة القادمة مرحلة توتر شديد في العلاقات الروسية الايرانية، وقد تشمل ردا ايرانيا بتعليق الاتفاقيات التجارية مع موسكو. مثير للجدل الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد الذي وصل الى السلطة في 2 أوت 2005، وأعيد انتخابه لولاية ثانية في 12 جوان 2009، أصبح شخصيةمثيرة للجدل في الداخل والخارج بمواقفه التصعيدية فالرجل يعتمد على قاعدة «الهجوم أفضل وسيلة للدفاع». وقد اعتمد على هذه القاعدة إن جاز التعبير في مواجهة خصومه السياسيين في ايران، واعتمدها أيضا في صد الحملة الغربية على بلاده. ومن أكثر تصريحاته إثارة للجدل حديثه عن محو اسرائيل من الخارطة، فقد رأى فيها البعض مبالغة، وسعيا لرفع أسهمه الشعبية، فيما إلتقفها الغرب ليضاعف جرعات الضغط على إيران، واعتبار نظامها خطرا على حليفه في المنطقة أي اسرائيل. ويعتقد خصوم نجاد ان مواجهة التصعيد بالتصعيد سيدخل إيران في دوامة لا مخرج منها، وأنه بتلك السياسة يقود البلاد الى المزيد من العزلة الدولية، في وقت يراها مؤيدوه جرأة وشجاعة «في مواجهة الصلف الغربي». مثله مثل من سبقه في الحكم،متمسك بحق بلاده في الطاقة النووية، لكنه يختلف معهم في الاداء السياسي وإدارة الملفات العالقة مع الغرب. ظل بوتين ديميتري ميدفيديف، تربع على عرش روسيا في 7 ماي 2008 خلفا لفلاديمير بوتين الذي عيّن لاحقا رئيسا للحكومة، في اطار صفقة بين الرجلين لاستكمال مسيرة الاصلاحات التي بدأها الاخير. يعتقد كثيرون أنه ظل بوتين، لم يخرج عن دائرة السياسة المرسومة ولم يتمرد على حليفه الذي دعمه للوصول الى السلطة، باستثناء خلافات بينهما حول أداء الحكومة وطريقة معالجة الأزمة الاقتصادية الداخلية. وميدفيديف صاحب خبرة سياسية كبيرة، لكن نجمه لم يسطع الا بعد توليه السلطة، وعاد الى دائرة الضوء بعد أن قلب ظهر المجن لايران، وتوفق في موقفه من الملف النووي الايراني مع الموقف الامريكي والاوروبي، ليصطف وفق الرؤية الايرانية في «خندق الأعداء».