آلام المشي جعلتها تبدو وكأنها تحمل صخرة ثقيلة، ومع ذلك تتنقل بين عيادات الجمهورية وادارة الصندوق الوطني للتأمين على المرض «الكنام» محملة بحزمة من الوثائق تستظهر بها للاخصائيين تستفسر عن حل ينصف حالها وينقذ وضعها المهني واسترجاع حقها في التغطية الاجتماعية بعد حادث الشغل.. لكن طالت السنوات وهي تلهث خلف سراب ترسمه التقارير الطبية فتحسبه ماء وعندما توشك ان تبلغه تبدده لجنة «الكنام» لتلقي بها الى وساوس الخوف على مصيرها المهني ومصير أشقائها.. البنك يهدّد بإجراء عقلة وشقيقها المعوق ينتظر لقمة العيش بينما هي تتألم في صمت جراء الاوجاء العضوية التي تحاصرها من راسها الى اخمص قدميها.. دون ان تفارقها الدموع التي تخفي أوجاعا نفسية وحيرة نتيجة الشعور بالظلم.. فلا تجد الى الخلاص منفذا سوى ميزان العدالة منصفا. هذه بعض تفاصيل معاناة امرأة شابة اسمها حياة الزايري التي انطلقت خلال شهر نوفمبر سنة 2008 مع حادث شغل تعرضت له أثناء قيامها بعملها باحدى الشركات الخاصة بولاية القيروان وذلك أثناء حملها بعض الأدوات ممّا أدى الى سقوطها أرضا قبل احداث سقوط بدني جزئي يستوجب التدخل الطبي والتغطية الاجتماعية. ورغم التسهيلات الادارية التي قدمها مدير الشركة للمتضررة والاستعداد الذي أبداه في مساعدتها، فان ادارة «الكنام» بالقيروان سرعان ما علقت تغطيتها الاجتماعية ورفضت التكفل بمصاريف حادث الشغل رغم التقارير الطبية التي تثبت الأضرار وحاجة حياة للرعاية و«الحياة» وذلك خلال شهر ديسمبر 2008 أي بعيد مرور شهر واحد من وقوع الحادث الذي ألحق بجسدها المنهك أضرارا بدنية جسيمة على مستوى رقبتها وحوضها وقدمها اليمنى تمنعها من مواصلة العمل في الوقت الحالي. وعوض ان تجد هذه المرأة الدعم المادي والمعنوي من ادارة «الكنام» التي من المفترض ان تضمنها، والاعتراف بأبسط حقوقها في التغطية المالية والطبية(في العلاج) على غرار الدعم الذي تلقته من مشغلها، فقد وجدت نفسها وجها لوجه مع إصابات تهددها بمضاعفات صحية خطيرة نتيجة عدم تلقيها العلاج بامكانياتها المحدودة، وفي حالة الحيرة والضياع لأسرتها التي تعيلها وذلك نتيجة رفع «الكنام» يدها عن الالتزام بمواصلة التغطية الاجتماعية بما في ذلك التعويضات المالية عن مصاريف العلاج والأدوية والمنح الاجتماعية ومنحة المرتب. كابوس المرض والرفض وذكرت السيدة حياة الزايري أنها أصبحت تعيش كابوسا حقيقيا بسبب وضعها الصحي والمالي والاجتماعي. وأكدت انها تعيش حالة عجز ويأس بسبب كابوس اسمه «الكنام» تفيق وتصحو على وقعه وتتردد يوميا على نفس الادارة وتلتقي بنفس الأشخاص لكنها لا تسمع سوى نفس الحكاية وهي انه لم يعد لديها الحق في التغطية الاجتماعية تحت سقف حادث الشغل وانها استوفت حقها في هذه المنظومة.. قبل ان يطلب منها التنازل عن طلبها الذي تعتبره حقا لا تراجع فيه، بخصوص مواصلة التغطية تحت غطاء حادث شغل والانتقال الى المنظومة العلاجية العادية للمرض المزمن او المرض المهني وفي ذلك أسرار وخبايا كثيرة لا يعلمها سوى من خبر متاهة «الكنام» وتشعباتها. وتؤكد حياة الزايري وهي تستظهر بلفائف من الوثائق والشهائد الطبية والمراسلات، كما أن جميع الجهات الطبية والمصحات وعددا كبيرا من الأطباء أكدوا لها حسب الشهائد الطبية ونتائج الفحص أنها في حاجة الى مواصلة العلاج جراء الاصابات التي تعرضت لها في حادث الشغل في التاريخ المذكور(نوفمبر 2008) وتستظهر بجملة الاصابات من واقي الرقبة وحزام الظهر وأصبع قدمها اليمنى التي تعجز عن تحريكها. ورغم تلك الشهائد والشهادات، فان حياة لم تحصل على حقوقها من ادارة «الكنام» حسب زعمها بسبب رفض اللجنة الطبية (طبيب واحد) لملفها الطبي دون ان يتولى الطبيب المعني فحصها ولو مرة واحدة رغم مرور سنتين، بل يتمّ رفض الملف رفضا باتا دون مؤيدات والكلام دائما لحياة الزايري التي أكدت تعاطف ادارة «الكنام» معها وتاكيد مسؤوليها استعدادهم لمساعدتها في اطار ما يسمح به القانون لكن دون التدخل في قرار طبيب «الكنام» الذي تبين انه غادر الكنام (القيروان) لكن دون ان تحصل حياة على حقوقها رغم توجيهها الى الجهات المعنية من مركزية «الكنام» ووزارة الاجتماعية وغيرها من الجهات والسلط المعنية مطالب قصد النظر في ملفها الطبي ووضعها الاجتماعي الحرج عسى أن يتمّ إسعافها وانتشالها من المعاناة.. لكن الانتظار لا يزال سيد الموقف. مدير (الكنام): هذه أسباب الرفض «الشروق» اتصلت بالسيد زبير الحمدي مدير فرع «الكنام» بالقيروان فتعرف مباشرة الى المتضررة. وعن سبب رفض ادارته التكفل بحادث الشغل الذي تعرضت له المضمونة الاجتماعية (حياة الزايري) أكد أن ملفها سبق وعرض على اللجنة الطبية فرفضت طلبها بناء على التقارير الطبية مؤكدا ان طبيب «الكنام» (الذي فسخ عقده مؤخرا) قام بفحص المتضررة (وهو ما نفته المرأة) كما أكد أن الملف عرض على اللجنة الوطنية فأيدت تقرير طبيب الفرع الجهوي. وأكد السيد الحمدي الذي أظهر «تعاطفا» مع المرأة أنه يمكنها الانتقال الى منظومة العلاج العادية تحت سقف المرض العادي او المهني بسبب استيفائها حقها في التغطية تحت سقف حادث شغل حسب زعمه وذلك بسبب ان المضمونة أصيبت – بعد حادث الشغل- بمرض مزمن رأى طبيب «الكنام» انه لا علاقة له بالحادث الذي تعرضت له. ويؤكد انها ستحتفظ بذات الحقوق في استرجاع المصاريف والتمتع بمنح عائلية في صورة الانتقال الى حالة المرض العادي أو المهني. ولم يجد مانعا من أن تتقدم المنخرطة بدعوى قضائية لاسترجاع «حقوقها». فخ «الكنام».. والأمل في القضاء مقترح «الكنام» الذي يبدو في ظاهره الرحمة والعطف، تبينت المتضررة أنه خال من الصحة والفائدة ولا يصب في مصلحتها حسب الاستشارات القانونية والطبية التي نصحتها بالالتجاء الى القضاء خاصة وان حالتها الصحية أصبحت حرجة بعد مرور عامين كاملين من حرمانها من حقوقها المادية والصحية ممّا جعلها في مأزق ووضع مالي حرج بين مطرقة البنك التي تدعوها الى سداد ديونها وبين احتياجات الأسرة اليتيمة التي تكفلها. بينما يطالب مشغل حياة بشهادة معافاة لتتمكن من الرجوع الى العمل أمام حاجتها للمرتب. وأمام حالتها الصحية الحرجة فهي مهددة بفقدان عملها وفقدان التغطية في آن واحد خاصة اذا استجابت لطلب «الكنام» بالتحول الى نظام المرض العادي او المهني لان المشغل حينها سيكون من حقه اعفاؤها من العمل بموجب عجزها عن أداء مهامها على الوجه الاكمل وبالتالي تفقد حياة شغلها وحقوقها مرة واحدة. حالة اجتماعية وفي انتظار تدخل وزارة الشؤون الاجتماعية للنظر في حالتها والتدخل لدى «الكنام» فان المتضررة تنتظر انقضاء العطلة القضائية لرفع دعوى في الغرض على أمل استرجاع حقها في التغطية واسترجاع المصاريف لمدة عامين والحصول على ضمانات وحقوقها المهنية لا سيما وأنها ضحية حادث شغل وبين هذا وذاك ينتظر الايتام من يتكفل بمصاريفهم امام حيرة وعجز شقيقتهم التي أضحت تعيش معاناة نفسية حقيقية الى جانب العجز البدني.