هل أنّ رمضان المعظّم يمطّط الأمعاء الغليظة ويزيدها غلظة وطولا وعرضا والمعدة ويزيدها اتساعا وعمقا والبطن ويدعم طاقته في الرحى لكل ما هو هش ويابس وصلب وفي العصر لكل ما هو طري وليّن ويعزز قدرته على الخزن والتخمير والتعليب؟ هل أن شهر القرآن يحوّل الفم إلى طاحونة والإنياب إلى فؤوس والأسنان إلى مناجل والأضراس إلى أرحية من الحديد الصلب؟ هل أن شهر البركة يفتح في كل بطن منطقة صناعية نشيطة للصناعات التحويلية الغذائية؟ هل أن شهر العبادة والعمل لا تعمل فيه إلاّ الأفواه والبطون وعملة التنظيف وديوان التطهير؟ من حوّل شهر الصيام عن الشهوات إلى مهرجان للنزوات والشهوات. أنظروا في الفضاءات التجارية الكبرى وكيف تحولت فيها القفاف إلى مجرورات كبرى والمشترون إلى صفوف كبرى والمشهد إلى المصيبة الأكبر والله أكبر. انظروا ألا ترون ما أرى حول كل تاجر وخضّار وعطّار وجزار زخم الاكتظاظ تمعنوا ودققوا النظر هل هي بيوت نحل عششت هنا وهنالك وهناك؟ أم جحافل الدود والذباب اجتمعت على العفن؟ لماذا لا حديث في رمضان إلا على المعدة ولا تفكير إلا في المعدة ولا حركة إلا من أجل المعدة ولا تربع على عرش الصيام طيلة شهر الصيام إلا للمعدة؟ بيت القصيد في ما أقول وأسأل إذا ما نزل حكم المعدة على أتباعها وأنصارها ومؤيديها والمتعاطفين معها في شهر الصيام ألا يصبح كل واحد منهم هو في حد ذاته «معدة» ولكن هل تكفي «حشيشة رمضان» وحدها دواء للقرح في الصوم الرعواني!