أرجو أن يحلّ رمضان هذه السنة مباركًا على الجميع، وأن يكون كريمًا بالتكافل والتآلف، وأن يمرّ على خير، دون أن ينغّصه علينا كبار العالم بإحدى حروبهم التي كدنا نعتبرها مسلسلاً من ضمن المسلسلات الرمضانيّة القارّة! فقد اعتاد هؤلاء الكبار في السنوات الأخيرة أن «يرمضنوا» علينا! وفلان «مرمضن» عبارة تونسيّة تعني أنّ فلانًا مصاب بنوبة هيجان، وينسب نوبته ظلمًا إلى أعباء الصيام! ولعلّها من «الترمُّض». وهي عبارةٌ أطلقها العربُ على صَيْدِ الظبي في وقت الهاجرة، إذ يتمّ تتبّعه حتى إذا تَفَسَّخَت قوائمُه من شدّة الحرّ سهُل أخذُه... ويبدو أنّ هذه العبارة أصبحت جزءًا من لغة السياسة الدوليّة، مع فارق أنّها تُستعمل اليوم في صيد البشر! فليكن هذا الشهر كريمًا...إلاّ بالترمُّض. وليكُنْ من كَرَمِهِ علينا أن يذكّرنا بأحبابنا البعيدين، أو المثخنين بجراح الحياة من غربة وفقر وقهر. وليَكُنْ فرصة كي نعيد شحن بطارياتنا العاطفيّة، وكي نستعيد قدرتنا على التفاعل مع الآخرين، وكي نمارس ذلك الواجب الإنسانيّ الذي أسمّيه «خصخصة الشأن العامّ». والحقّ أنّ رمضان كريم...لاشكّ في ذلك ولا اختلاف... ولكن هل البشر كرماء؟