عبارة نسمعها ألف مرّة في اليوم...حتّى كدنا نعتبرها «ماركة تونسيّة مسجّلة»!! بل كدنا نؤمن بأنّ الدول كانت مَلكيّة وجمهوريّة ثمّ ظهر لها نوع ثالث: «الدول الفوقانيّة»!! لماذا لم يُنجَز المشروع الفلانيّ؟ تعليمات من فوق!! من أقصى فلانًا؟ تعليمات من فوق!! من جاء بعلاّن؟ تعليمات من فوق!! حسنًا يا «سي تعليمات من فوق»...لماذا تقبض راتبك مادمت لا تتقن سوى «استسقاء» التعليمات من فوق؟ الغريب أنّ أغلب هؤلاء يخترع التعليمات على هواه أو على هوى من والاه، وينسبها إلى فوق، تخويفًا للنقد وإلجامًا للأفواه!! والأغرب أنّه لا يرفع فزّاعة «التعليمات من فوق» إلاّ مُدجّجًا بما يتطلّبه «الدور» من نظرة فوقيّة، ونبرة جاسوسيّة، وحركات تشبه حركات من تلبّس به عفريت أو جنيّة...ممّن نُطلقُ عليه في عاميّتنا الجميلة عبارة «من تحت إيديهم... ». فإلى أين تأخذوننا يا جماعة؟ حتى «القهواجيّة» أصبحوا يستعرضون علينا «فوقيّاتهم»!! نسألهم لماذا انتحل الشاي فجأةً صفةَ المعسّل؟ لماذا أصبحت القهوة فجأة ابنة عمّ الماء؟ فيطرفون ناحيةَ «أعرافهم» ويجيبوننا: «تعليمات من فوق»!! هل تريدون إقناعنا بأنّنا بلاد مسكينة غير قادرة على إنجاب أدمغة تفكّر بنفسها؟! هل تريدون إقناعنا بأنّنا شعب «مسكون»، كان «من تحت إيديهم» فأصبح «من فوق إيديهم»؟!