عاد شاب في عقده الثالث إلى أرض الوطن محمّلا ببعض العملة الأجنبية وعوض تصريفها لدى البنوك المختصة احتفظ بها لفترة ومن ثم عرضها بفضل وساطة صديقين له للبيع بالسوق السوداء حيث تبين أنها مدلّسة مما ورطه وصديقيه في جناية عرض وإدخال عملة أجنبية مدلسة طبق الفصلين 32 و187 من المجلة الجنائية. ابتدائيا حكم على مالك العملة بالسجن مدة 5 أعوام من أجل ما نسب إليه في حين آلت الأبحاث إلى تبرئة التاجر وموظف البنك وقضت المحكمة في شأنهما بعدم سماع الدعوى. وحسب ما جاء في ملف القضية فإن الأبحاث التي أجراها أعوان الشرطة العدلية بباب بحر ومنها لاحقا فرقة الأبحاث الاقتصادية والمالية أن المتهم الأول وهو عامل بالخارج وإثر دخوله التراب التونسي قادما من مقر إقامته تولى إدخال كمية من العملة الصعبة والأوراق النقدية في شكل عملة كل ورقة بقيمة 20 جنيها استرلينيا للواحدة واحتفظ بها لديه إلى تاريخ بعد شهر من وصوله حيث قام بتسليمها بقصد ترويجها بالسوق الداخلية لصرفها بالدينار التونسي بواسطة أحد أقاربه وهو المظنون فيه الثاني في القضية والذي سعى بدوره للاستنجاد بأحد معارفه الموظف بأحد البنوك و الذي تولى عرض تلك الأوراق على أحد فروع بنك بالعاصمة. المتهم الأول وبسماعه أكد أنه وبحكم إقامته بالخارج فقد ارتبط بعلاقة مع أجنبي ونظرا للعلاقة القائمة بينهما فقد تولى إقراضه مالا على أن يستعيده حين عودته إلى تونس و فعلا وحين عودته إلى تونس عمد صديقه إلى تمكينه من مبلغ مالي بالعملة الصعبة اتضح فيما بعد أنه عملة مزيفة ومدلسة وقد تولى لدى وصوله تصريف حوالي 200 جنيه استرليني بالمطار واحتفظ بالباقي. إنكار وبسماع المتهم الثاني وهو تاجر بإحد الأسواق في العاصمة أكد أن صديقه اتصل به بغية تصريف هذه العملة وقدرها حوالي ألف جنيه استرليني والتي سلمها بدوره إلى قريب له يشغل خطة بنكاجي إلاّ أنه فوجئ فيما بعد بقدوم أعوان الأمن الذين أعلموه لاحقا أن تلك العملة مدلسة في حين صرّح المظنون فيه الثالث أنه تحصل على تلك الأوراق من صديقه التاجر بغية مساعدته على تصريفها وقد سلمها لعون الخزينة لكن العون المذكور طلب منه مراجعته إلى مكتب مدير الفرع الذي أعلمه بوجود شك في صحة الأوراق المالية ومن ثم تحول معه إلى مركز الأمن وهناك فوجئ بكونها مدلسة بعد التثبت فيها وبين أنها جميعها تحمل نفس الرقم التسلسلي ومن ثم تم التحول إلى صديقه التاجر وحجز تلك العملة. وأكد المظنون فيهما الثاني والثالث أنهما يجهلان كون تلك العملة مدلسة. وبعرض تلك العملة على خبراء برز أن أوراقها حاملة لنفس الرقم التسلسلي إضافة الى ما ورد في التقرير التكميلي المنجز من طرف مصالح الانتربول بتونس من تعداد لعلامات التزييف من حيث الورق وخيط الأمان والعلامة المالية والشريط الهولغرافي والكتابة المصغرة والتحليل الطبقي مما أكد قطعا زورها وتزييفها. الدائرة المختصة اقرت أن إدانة المتهم الأول ثابتة بإبقاء العملة لديه ومحاولة تصريفها في السوق السوداء بعد فترة من إدخالها لكن لنقاوة سوابقه العدلية رأت المحكمة إمكانية النزول بالعقاب إلى أدناه عامان سجنا في حين قضت بعدم سماع الدعوى للمتهمين الآخرين وذلك لعدم وجود ما يثبت علمهما المسبق بكون العملة الأجنبية هي مدلسة.